الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حق الزوج مقدم أم طاعة الوالدين؟

السؤال

بارك الله فيكم على هذا الموقع، وجزاكم الله عنا كل خير. أما بعد:
فأنا امرأة متزوجة، وأم لطفل. مشكلتي أني أسكن في مدينة بعيدة عن أهلي بأكثر من 200 كلم، ورغم ذلك والحمد لله، أزور والدي بانتظام، وزوجي شخص هادئ، ومحبوب، ولا يرفض لي طلبا؛ مما جعل والديَّ يطلبان مني القدوم، والمساعدة لأبسط الأمور، والحمد لله رغم أن الأمر متعب، إلا أني لا أتردد، فتعودا على الأمر، ولم أتذمر؛ لأني أدرك أهمية بر الوالدين، لكن مؤخرا طلبت مني والدتي القدوم لمساعدة أختي التي قررت إكمال دراستها بعد الزواج، وبعد أن رزقت بولد، وأنا الآن أهتم به، وأمي سافرت إلى أمريكا لنفس المهمة مع أخت أخرى.
انزعج زوجي، واعتبره استغلالا لطيبته معهم، والأدهى والأمر أني حامل. وعندما كلمت أمي، وطلبت منها الإذن لي بالعودة إلى بيتي، رفضت، وتوسلت لي للبقاء.
لا أعرف ما هو الحل لا أريد أن أجرح أمي، علما أني حاولت جميع السبل بالتوسط، واختلاق الأعذار، وجرحني أنها تهتم بمستقبل أخواتي دون مراعاة لمشاعري، ولا يمكنني الانتظار، فأمي لن تعود إلا بعد ثلاثة أشهر. أهملت زوجي، وبيتي، والجميع أصبح يعتبرني ساذجة، ومحط استغلال.
فما الحل من الناحية الشرعية؟
جزاكم الله خيرا هل أعصي والدي، وأحزنهما؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا شك في عظم مكانة الوالدين، وخاصة الأم، وما لهما من حق البر والإحسان، وسبق أن بينا بعض النصوص الدالة على ذلك، في الفتوى رقم: 58735.

ومهما أمكن التوفيق بين بر الوالدين، والقيام بحقوق الزوج، كان أفضل، ولكن إذا حصل تعارض، فقد نص أهل العلم على أن حق الزوج مقدم على حق الوالدين، فراجعي الفتوى رقم: 19419.

والأولى أن تحاولي إقناع أمك، ولو بأن تسلطي عليها بعض المقربين منها، وأهل الفضل، ممن ترجين تأثيرهم عليها، مع كثرة الدعاء بالتوفيق، فإن اقتنعت فالحمد لله، وإلا فيجب عليك طاعة زوجك، ولو قدر أن سخطت عليك أمك بسبب ذلك، فاجتهدي في محاولة إرضائها.

ولمزيد الفائدة نحيلك على الفتوى رقم: 76303، ففيها بيان بعض ضوابط طاعة الوالدين، والتي قد تخرج الأولاد من بعض الضيق والحرج.

وننبه إلى الحرص على المحافظة على روابط الأسرة، وتقوية العلاقة بينها، وتجنب كل ما يكدر صفوها، ولا سيما مع ما ذكرت من طيب زوجك، وحسن معاملته لك، وحرصه على صلة والديك، وأهلك. واحذروا أن يجد الشيطان مدخلا يكدر به صفو هذه العلاقة، ويدخل على الأسرة النكد والشقاء بالمشاكل، فقد حذر رب العزة والجلال من كيده فقال: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ {فاطر:6}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني