الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح وإرشادات لحل المشاكل الزوجية وتفادي الطلاق

السؤال

زوجي لديه رغبة في الزواج، وكان يتواصل عن طريق مواقع الزواج، ويتحاور مع عدة نساء.
لما اكتشفت الموضوع؛ رفضت القرار، وحاولت إصلاح حياتنا، وطلبت منه عدم البحث، وقام بحلف اليمين، برغبة مني، أنه لا يبحث عن زوجة، لكن تفاجأت بنقضه للحلف، واستمراره في دخول هذه المواقع، وللعلم فإني حامل، في الشهر الرابع. وكنت أعاني من طلق مبكر، فلم أجادله في الموضوع؛ فطلبت منه أن يذهب بي إلى أهلي. بعد يومين تكلمت معه بخصوص الموضوع؛ فاتهمني بالمرض، والشك، وأجبرني على الجلوس عند أهلي لحين موعد ولادتي. وبدأ يفعل كل تصرفاته بدون علمي، ونحن لم نعتد على ذلك. أولادي عند بيت جدهم لأبيهم، وإذا تواصلت معه أصبح يصرخ علي، ويطلب مني عدم التواصل معه بأبشع الألفاظ والتجريح، وبدأ يدفع المال لهذه المواقع لترقي عضويته؛ فضاق الحال بي، وكلمته أمه، ولم أخرج بنتيجة. في مواعيد مراجعاتي أستأذن منه، فلا يرد علي، ومنذ خروجي أوقف مصروفي، ولم يرسل لي ريالا واحدا. أطلب من أهله نفقة، يقولون: دعي أهلك يصرفون عليك. وقبل هذا في محاولات رجوعي للبيت، قال لي: إذا كنت راغبة في الرجوع ليس لك دخل بي، أكلم، أو أراسل، أو أدخل مواقع، أو أسافر، ترجعين للتنظيف، والطبخ، وتنتبهين لأولادك؛ فوافقت، فلما وافقت رفض رجوعي، وأخذ مفاتيح بيتي؛ ليضمن عدم دخولي له، وأنكر كل ما فعلته طيلة السنين له، وتطاول بأبشع الكلام علي من استهزاء بشكلي.
وبعد شهر أتى وطلب التحدث معي، فجلس معي، وقال لي: ترجعين لبيتك للغسيل، والتنظيف، والطبخ، وأولادك فقط، وإذا أردتك للفراش، وأخذ يستهزأ بشكلي، ويتكبر علي.
أصابني انهيار نفسي، منذ دخولي إلى بيت أهلي، لم يرسل لي مصروفا، أنا وجنيني، وأطفالي الثلاثة، رغم أن حالته المادية ممتازة، وأهله أغنياء، تدهور مستوى أولادي، وأتصل عليه، يقول: أطفالي لم يروا التفوق إلا عند أهلي، ويأتون لي في آخر الأسبوع بدون مصروف لهم ولا ريالا واحدا، وهم في قمة الاتساخ، وأصبح القمل مستوطنا لشعورهم. أنا حاليا عند أهلي، ولم أعد أطيق العيش معه أبدا، ولا أحتمله. لي عند أهلي 3 أشهر ونصف، لم أخرج من البيت إلا لموعد متابعة الحمل، واستأذنه لا يرد علي، ولا ينفق علي، مع العلم أنه مقتدر، ويدعي عدم القدرة. أنا جزمت على قرار الانفصال؛ لأني أخاف الله بعد كرهي له، ألا أقيم واجباتي تجاهه، رغما عني، ولا أستطيع تحمل من يشاركني فيه، للعلم فإنه شخص ملتزم، متدين. كل هذه الشهور لم يطأني، وأنا عند أهلي، وبعد ولادتي سأطلب الطلاق.
ما لقيت منه، ومن أهله، ونكرانهم لحسن عشرتي معهم طيلة 13 سنة، جعل بداخلي عدم محبة لهم.
هل علي عدة بعد الطلاق؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن المرأة المدخول بها، تلزمها عدة الطلاق، سواء كان الطلاق رجعيا، أم بائنا. وراجعي الفتوى رقم: 124727. وعدة الحامل تنتهي بوضع الحمل؛ لقول الله سبحانه: وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ {الطلاق:4}.

ولا تسقط النفقة عن الزوج إن لم تكن الزوجة ناشزا، وكذلك نفقة الأولاد الصغار الذين لا مال لهم، فإنها واجبة على أبيهم بكل حال، والتفريط فيها ذنب؛ روى أبو داود عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما، أن يضيع من يقوت. وإذا عثرت الزوجة لزوجها على مال، جاز لها أن تأخذ ما يكفيها، وولدها بالمعروف، وانظري الفتوى رقم: 98911.

وننبه إلى بعض الأمور:

الأول: أن الزوجة وإن كان يجوز لها طلب الطلاق، أو الخلع للضرر، إلا أنه لا ينبغي التعجل لذلك، بل الأولى الصلح ما أمكن، قال تعالى: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ...{النساء:128}. فالطلاق له آثاره السلبية في الغالب، وخاصة إذا رزق الزوجان الأولاد.

الثاني: على كل من الزوجين أن يحرص على معاشرة الآخر بالمعروف؛ امتثالا لقول الله عز وجل: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {البقرة:228}، وتراجع الفتوى رقم: 27662.

الثالث: تعدد الزوجات أباحه الشرع لمن كان قادرا على العدل، قال تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء:3}، وللشرع كثير من الحِكَم في ذلك، أوضحنا بعضها في الفتوى رقم: 2286.

وعلى الزوج أن يتحرى الحكمة، فلا يجعل هذا الأمر مثارا للخلاف مع زوجته. بل قد يكون الأولى به الإعراض عنه، إن خشي أن يؤدي ذلك إلى تشتت أسرته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني