الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الكدرة والصفرة بعد أيام العادة

السؤال

دورتي تستمر 5أو 6 أيام تقريبًا، وتنزل بعدها صفرة وكدرة، وأنتظر انقطاعها، ولكنها تستمر أكثر من 15 يومًا، ولا تنقطع، فأغتسل وأتجاهلها، ثم بعد فترة تختفي، وقد سألتكم فأخبرتموني أن هذه استحاضة، وأن عليّ أن أنتظر مدة الدم الصريح، وأعد الباقي استحاضة، ففعلت وبعد يومين انقطعت الصفرة والكدرة قبل أن تتجاوز خمسة عشر يومًا، فعددتها حيضًا واغتسلت، فهي غالبًا تتجاوز خمسة عشر يومًا، ونادرًا جدًّا ما تنقطع قبله، فهل أعدها استحاضة؟ وقد سألت عن هذا فأخبرتموني أن عليّ أن أنتظر خمسة عشر يومًا، لكنني أشك أنها استحاضة، وأخاف إن لم أغتسل أن تكون استحاضة، ولكنني لا أغتسل حتى أتجاوز خمسة عشر يومًا، فماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فالكدرة والصفرة التي ترينها بعد أيام العادة لا عبرة بها، سواء استمرت بعد الطهر لخمسة عشر يومًا أم ليومين، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ فيمن ينقطع دم حيضها، ويخلفه الكدرة والصفرة: دم الحيض إذا انقطع وخلفه صفرة أو كدرة، فإنه لا عبرة بذلك، أي: لا عبرة بالكدرة والصفرة بعد انقطاع الدم؛ لأن الله تعالى يقول: وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى {البقرة:222} والأذى هو الدم، وقالت أم عطية: كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئًا ـ هكذا رواية البخاري، ولأبي داود: بعد الطهر شيئًا ـ لكن يحصل الطهر إذا انقطع الدم، وعلى هذا فنقول: ما دامت هذه المرأة ترى الحيض ـ أي: الدم ـ الفترة المذكورة ثم ينقطع، وتخلفه كدرة أو صفرة، فإنها تغتسل عند انقطاع الدم، ثم تصلي، وتصوم، ويأتيها زوجها إن كان لديها زوج، ولو كان عليها صفرة أو كدرة. اهـ.

والطهر تعرفه المرأة بإحدى علامتين: الجفوف، أو القصة البيضاء ـ فإذا رأت إحدى هاتين العلامتين لزمها أن تبادر بالغسل.

ومن العلماء من يرى أن لها أن تتلوم اليوم ونصف اليوم إذا رأت الطهر بالجفوف؛ لأن من عادة الدم أنه يجري وينقطع، ولكن المفتى به عندنا لزوم المبادرة بالغسل؛ لقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: إِذَا رَأَتِ الدَّمَ الْبَحْرَانِيَّ فَلَا تُصَلِّي، وَإِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ -وَلَوْ سَاعَةً- فَلْتَغْتَسِلْ وَتُصَلِّي. رواه ابن خزيمة، والدارمي، وابن أبي شيبة، وصححه الألباني.

والمقصود بالدم البحراني: الدَّمُ الْغَلِيظُ الْوَاسِعُ يَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ الرَّحِمِ، وَنُسِبَ إِلَى الْبَحْرِ لِكَثْرَتِهِ، وَسَعَتِهِ، وَالْبَحْرُ: التَّوَسُّعُ فِي الشَّيْءِ وَالِانْبِسَاطُ. قاله الخطابي.

فإذا تحققت من الطهر إما برؤية القصة البيضاء، أو بالجفوف، فإنك تعتبرين طاهرًا، فإذا نزلت كدرة بعدها، أو صفرة لم تعتبر حيضًا؛ لقول أُمِّ عَطِيَّةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: قَالَتْ: كُنَّا لَا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ, وَأَبُو دَاوُدَ، وَاللَّفْظُ لَهُ.

ولا يلزمك الاغتسال عند انقطاع الكدرة والصفرة؛ لأنهما -كما ذكرنا- ليستا من الحيض.

وننبه إلى أن الصفرة أو الكدرة إن كانت في زمن الحيض فإنها تعد حيضًا، وهو ما يدل عليه مفهوم حديث أم عطية السابق، وراجعي الفتوى رقم: 117502، وراجعي كذلك للفائدة الفتوى رقم: 100680.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني