الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم دفع الزكاة لأقارب يستعينون بها على المعصية

السؤال

لدي سؤالان: الأول: لدي بنت أخت توفي زوجها منذ سنة وأصبحت أرملة، ولديها 4 أبناء، وهم صغار، ولم يترك لهم زوجها شيئا، فأصبحت أخرج لها ولأبنائها مبلغا من المال شهرياً، وعلمت مؤخرا أنها قالت لإحدى أخواتي إنه أًصبحت لديها شقة تمليك اشترتها وأًصبح لديها مال.. وهذا الكلام عندما قلته لوالدتها لم تنكره، كما أن أختها الصغيرة أيضاً قالت نفس الشيء، مع العلم أنها وللأسف غير منضبطة أخلاقياً وأختها شهدت أنها أتت بهذا المال بطرق محرمة، ونحن للأسف نعلم أنها تفعل هذه الأشياء المحرمة حتى قبل وفاة زوجها، وأرغب أن أقطع عنها هذا المبلغ الشهري لكي أعطيه لمن هو في حاجة إليه أكثر منها، فهل هذا صواب؟.الثاني: والدتها أيضا أرملة فقيرة، وأبناؤها قد كبروا، ومازالت بصحتها وتستطيع العمل، وأبناؤها يمكن أن يعملوا وينفقوا على أنفسهم وبالتالي لن يحتاجوا إلى صدقة أحد، ولكنهم لا يفعلون ذلك ويجلسون ينتظرون الصدقة عليهم، والمال الذي أعطيه لها تنفقه على التدخين، وأحد أبنائها يتعاطى المخدرات وهو الآن مسجون، فتنفقها عليه وعلى ما يتعاطاه!! فهل يمكن لي أن أعطي المال لأحد آخر يكون أحق بالمال منهم؟ أم بالرغم من كل هذا يظل الأٌقربون أولى؟ وإن كانت إجابة فضيلتكم بأن أستمر في مساعدتهم، فمن الأحق: أختي أم ابنتها؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالصدقة على الأقارب المحتاجين أفضل من الصدقة على غير الأقارب، لكن هذا ليس على إطلاقه، فقد يقتضي الحال تفضيل المحتاج البعيد لشدة حاجته، قال المناوي رحمه الله: الصَّدَقَة على الْمِسْكِين الْأَجْنَبِيّ صَدَقَة فَقَط، وهِيَ على ذِي الرَّحِم اثْنَتَانِ: أَي صدقتان اثْنَتَانِ صَدَقَة وصلَة، فَهِيَ عَلَيْهِ أفضل، لَكِن هَذَا غالبي وَقد يقتضى الْحَال الْعَكْس. اهـ

أمّا القريب ـ أو البعيد ـ الذي ينفق المال في المعاصي: فلا يجوز الدفع إليه، لما فيه من الإعانة عليها، قال زكريا الأنصاري الشافعي رحمه الله: يحرم دفع صدقة التطوع إلى العاصي بسفره أو إقامته، إذا كان فيه إعانة له على ذلك، وكذا يحرم دفعها إلى الفاسق الذي يستعين بها على المعصية وإن كان عاجزا عن الكسب، وهذا لا شك فيه وهو واضح.

وعليه، فلا يجوز لك دفع شيء لأختك أو بنتها تستعينان به على معصية، لكن إذا كانت إحداهما أو أولادهما في حاجة فيدفع لهم ما يسدّ حاجتهم من طعام أو شراب أو كسوة ونحوه، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: فمثلاً إذا كان يشرب الدخان، ما نعطيه الزكاة، لأنه إذا أعطيناه، معروفٌ الْمُبتلى بهذا الدخان أول ما يشتري الدخان، فلا نعطيه، لكن من الممكن أن نعطي زوجته أو إذا كان له أولاد راشدون، نعطيهم ونقول: هذا أعطه أهلك، وما أشبه ذلك، أو نقول لهذا: إن عندنا زكاة، ما الذي يحتاجه البيت؟ يحتاج سكر، أرز، كذا كذا، وكِّلنا نقبض الزكاة لك، ونشتري لك، في هذه الحال لا بأس.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني