الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من علق طلاق زوجته على عدم إعطاء مالها لأحد، فأجبرها أخوها على إعطائه

السؤال

بسبب تصرف زوجتي المالي السيئ، دون مشورتي، وإرسال مبالغ لوالدتها، ولشقيقها، ولصديقتها دون أخذ الإذن مني، والخروج للصرافة، مستغلة فترة عملها في المدرسة، أو دراستها اللغة بأحد المعاهد؛ مما أغضبني. حينما لم تتفهم والدتها شكواي لها عن تصرف بنتها، قلت لها: إذا أعطت بنتك أي مبلغ لشخص ما، أو باعت ذهبها، أو ما شابه لتعطي ولو فلسا لشخص ما دون إذني، فهي طالق. وكنت أقصد الطلاق.
وهي في بيت أهلها، قمت بإخبار أخيها لكيلا يقع في المحظور، ويبدو أنه يجهل الأمور الفقهية، وأفاد بأنني أريد أن أتحكم فيهم، رغم تحذيري له بأمر الطلاق المعلق الذي لا رجعة فيه، وهو دائم. ويبدو أنه أجبرها بأخذ أموال منها، بحجة تسديد ديونها التي تذرعت بها كسبب لتصرفها.
فهل هي طالق؟ وكيف أتخلص من هذا الطلاق المعلق؟
بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كنت قصدت بيمينك منع زوجك من إعطاء مالها لأحد مطلقاً دون إذنك، فأعطت أخاها مالاً دون إذنك، فقد وقع طلاقها، إلا إذا كان أخوها أكرهها إكراهاً حقيقياً، فلا يقع طلاقك في هذه الحال، والإكراه المعتبر يكون عند الخوف من القتل، أو الضرب، ونحو ذلك.

قال المرداوي -رحمه الله-: يُشْتَرَطُ لِلْإِكْرَاهِ شُرُوطٌ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُكْرِهُ، بِكَسْرِ الرَّاء، قَادِرًا بِسُلْطَانٍ، أَوْ تَغَلُّبٍ، كَاللِّصِّ وَنَحْوِهِ.

الثَّانِي: أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ نُزُولُ الْوَعِيدِ بِهِ، إنْ لَمْ يُجِبْهُ إلَى مَا طَلَبَهُ، مَعَ عَجْزِهِ عَنْ دَفْعِهِ، وَهَرَبِهِ، وَاخْتِفَائِهِ.

الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَا يَسْتَضِرُّ بِهِ ضَرَرًا كَثِيرًا، كَالْقَتْلِ، وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، وَالْحَبْسِ، وَالْقَيْدِ الطَّوِيلَيْنِ، وَأَخْذِ الْمَالِ الْكَثِيرِ.

والظاهر من السؤال -والله أعلم- أنّ أخاها لم يكرهها إكراهاً معتبراً، وعليه فقد وقع طلاقها، وانحلت اليمين، فلا شيء عليك إذا تصرفت زوجتك بعد ذلك في مالها دون إذنك، وإذا كان هذا الطلاق غير مكمل للثلاث، فلك مراجعتها قبل انقضاء عدتها، وقد بينا ما تحصل به الرجعة شرعا، في الفتوى رقم: 54195
أمّا إذا كنت قصدت منع امرأتك من إعطاء مالها لأحد على سبيل الهبة والتبرع، دون إعطائه على سبيل التوكيل لقضاء الدين ونحوه، وكانت زوجتك أعطت أخاها مالاً ليقضي لها دينها، ففي هذه الحال لم يقع طلاقك؛ لأنّ النية في اليمين تخصص العام، وتقيد المطلق، وانظر الفتوى رقم:35891.

وما دام في المسألة تفصيل، فالذي ننصح به أن تعرض المسألة على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم، وورعهم.

وننبهك إلى أنّه لا يحقّ لك منع امرأتك من التصرف في مالها بالهبة لأهلها، أو غير ذلك من أوجه التصرف المباحة، فالمرأة الرشيدة لها حقّ التصرف في مالها، دون إذن زوجها، كما بيناه في الفتوى رقم: 94840.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني