الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منع الأب ابنته من بعض الأعمال الصالحة

السؤال

كيف يتم التعامل مع الأب الذي يقعد لابنته بالمرصاد في طاعتها لربها يوميًا، كأنها هي شغله الشاغل؟ علمًا أن الكلام معه لا يُفيد، وهي تريد أن تقوم الليل، وأثناء قيامها يأتي ويطرق الباب، ويقول بأسلوب غليظ: هيا انتهي، وقد يرفع صوته، وقد يقول كلمات جارحة، ويأتي الفجر وهي تريد أن تتلو الكثير من القرآن، فيأتي ويقول بأسلوب غليظ: هيا انتهي، وهو يفعل كل هذا لأجل النوم، أو بالأصح الراحة، وهو من النوع الذي يحب الراحة، ولا يحب التعب، وقد يجهل أمورًا في الدِّين، وقد يعلم أمورًا كثيرة في الدِّين، لكنه لا يُطبقها –للأسف-، وفي المقابل لديه بنت أخرى ـ نسأل الله العافية ـ لا تصلي، ولا يقول لها شيئًا، والبنت السابقة نصحته بأن يكلمها، وإن كلمها كلمها بأسلوب لين، ومرة واحدة، ثم يتركها، فأرجو منكم النصيحة، فلماذا ابتلاني الله بهذا التعامل من والدي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما ذكرت عن والدك من هذه التصرفات أمر غريب، فالأجدر به أن يكون دافعًا لك إلى المزيد من الطاعات، فصلاحك خير لك وله، روى مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.

فهو ينتفع به من جهتين، من جهة صلاحه، ومن جهة دعائه له، قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: قال ابن الملك: قيد الولد بالصالح؛ لأن الأجر لا يحصل من غيره، وإنما ذكر دعاءه تحريضًا للولد على الدعاء لأبيه. اهـ.

ولا شك في أن هذا من الابتلاء، وفي الابتلاء كثير من الحِكَم، ومنها أن الله يميز به الصابر من غيره، ومن صبر رفع الله له الدرجات، وكفر عنه الذنوب والسيئات، وراجعي في فضل الصبر على البلاء الفتوى رقم: 18103.

ثم إن السنة الصحيحة قد بينت أن الابتلاء من علامات حب الله لعبده، ففي الحديث الذي رواه الترمذي عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: عظم الجزاء مع عظم البلاء، إن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط.

فنوصيك بالصبر عليه، وبره، والإحسان إليه، فإساءة الوالد لا تسقط عن الولد وجوب بره، كما بيناه في الفتوى رقم: 299887.

ولا يحق له منعك من قيام الليل، أو تلاوة القرآن، ونحو ذلك من صالح الأعمال لغير مسوغ شرعي، ولا طاعة له في ذلك؛ لأن الطاعة في المعروف، ومنعه من ذلك ليس من المعروف في شيء، وانظري لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 76303، وهي حدود طاعة الوالدين.

واحرصي على أن لا يكون منك أي إيذاء له برفع صوت، ونحو ذلك، ونوصيك بالدعاء لكل من والدك، وأختك، والعمل على مناصحتهما، مع الدعاء لهما بالهداية، والصلاح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني