الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة من الإساءة إلى الوالد مقبولة إن تحققت شروطها

السؤال

أرجو مساعدتي.
أعاني من حزن شديد، وخوف، بسبب أنني مذ كنت صغيرة، كان أبي وأمي معي، ولكن عند وصولي للصف الرابع الابتدائي، تركنا أبي، لم أعلم السبب، ولكن أمي عوضتني عن هذا، وكانت تسعى لأجلي، وﻷجل إخوتي. أصبحت أمي تكره أبي، وفي بعض الأحيان تشتمه أمامنا؛ فتغيرت نظرتي لأبي، ولكن مع هذا لم أكن أهتم كثيرا، ولم أسأل؛ لأني طفلة صغيرة. وعند وصولي للمرحلة المتوسطة زادت حالنا سوءا؛ لدرجة أننا اضطررنا للتسول، كانت حالتنا صعبة، وكانت أمي تبذل ما بوسعها ﻷجلنا، وهذا ما زاد كرهي لوالدي، ثم بعد ذلك طلبت أمي الطلاق من والدي، وتم الطلاق. ﻻ أذكر شعوري وقتها، ولكن كنت فرحة؛ لأن أختي أخبرتني أنهم يزيدون راتب المطلقات، فعلا كنا نحتاج للمال.
وعند وصولي للمرحلة المتوسطة، أخبر جدي لأمي أن أبي سيعود، وأنه مصاب بفصام الشخصية. وأنا لم أكن أعرف هذا المرض.
المهم جاء أبي للمنزل، فبدأت أنا وإخوتي نبكي، ونقول ﻻ نريده، ﻻ نريده. وعندما جاء بدأنا بالحديث معه، ونحن نبكي ونقول: لماذا تتركنا؟ ﻻ نريدك. كنت خائفة أن يأخذني، أو أن يعيش معنا؛ لأنني أخاف منه. وأنا الآن أبلغ الثامنة عشرة. بحثت عن مرض الفصام، وشعرت أن معه العذر لتركنا، ولكن كلما فكرت في الأمور الصعبة التي عاشتها أمي، وعشناها معها، والتي أبكت أمي، وأحزنتها أشعر بالندم؛ لأنني قلت لأبي ﻻ نريدك عندما جاء، ولكن لم أكن أعلم عن ماهية مرضه، إضافة إلى أن أمي غيرت نظرتي لأبي عندما كنت صغيرة، والحياة الصعبة التي عشناها.
سؤالي: هل أنا مذنبة في كل الذي حصل؟ هل هناك إثم يترتب علي في كل ما ذكرته؟
يا شيخ أصبحت قلقة، وﻻ أعلم ماذا أفعل، علما أن أبي لم يسأل عنا في فترة غيابه، ولم يتصل بنا أبدا لدرجة أني نسيت كيف يبدو وجهه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلم يكن لك أن تسيئي لأبيك، أو تقطعيه ولو أساء إليكم، فإنّ بر الأب واجب مهما كان حاله، ومهما أساء إلى ولده، وانظري الفتوى رقم: 114460.
فالواجب عليك برّ أبيك، ومصاحبته بالمعروف، وما حصل منك قبل ذلك من تفريط في حقه، أو إساءة إليه، فكفارته التوبة، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، واستحلال الوالد وطلب مسامحته، وأبشري بقبول التوبة، ولا تقلقي؛ فإنّ الله يقبل التوبة، ويعفو عن السيئات.
وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني