الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم اللقطة إذا كانت صليبا من ذهب

السؤال

ماذا يجب على من التقط لقطة، وكانت عبارة عن صليب من الذهب.
هل له أن يحتفظ به على هيئته قبل أن يقوم بتعريفه، والإعلان عنه، أم عليه أن يقوم بكسره، وتغيير معالمه؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما في هذه اللقطة من المالية المحترمة في الشرع، محفوظة على صاحبها، وراجع في ذلك الفتويين: 115964، 161937.

وهذا الصليب الملتقط، لا حرمة لصنعته وشكله، وإنما الاعتبار للمالية المحترمة فيه، وهو وزن الذهب، ولذلك نص الفقهاء على أن من كسر صليبا لم يضمن صنعته، وأما من أتلفه، فإنه يضمنه بوزنه ذهبا إن كان من ذهب.

قال المزني في مختصره: إذا كسر لهم صليب من ذهب، لم يكن فيه غرم. اهـ.

وقال البهوتي في (كشاف القناع) فيمن كسر صليبا: لم يضمنه، وأما إذا أتلفه، فإنه يضمنه بوزنه ذهبا أو فضة بلا صناعة، قال الحارثي: لا خلاف فيه. اهـ.

وجاء في (الموسوعة الفقهية) في تعليل ذلك: ولأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، فالتحريم ثابت في حقهم، لكنا أمرنا بترك التعرض لهم فيما لا يظهرونه من ذلك، وهذا لا يقتضي الضمان، نظرا إلى أصل التحريم. اهـ.

والمقصود أن ملتقط الصليب لو نقضه، أو غيَّر شكله بحيث لم يعد صليبا، فلا ضمان عليه.

وأما قول السائل: (هل له أن يحتفظ به على هيئته قبل أن يقوم بتعريفه؟) فلم نجد في جوابه نصا من كلام أهل العلم، والذي نراه أنه ليس له أن يلتقطه، ويحتفظ به على هيئته، فإما أن يتركه مكانه، وإما أن يلتقطه وينقضه، ولا يحتفظ به على هيئته الأصلية في مدة تعريفه؛ لما روى البخاري وغيره عن عائشة -رضي الله عنها-: أن النبي صلى الله عليه وسلم: لم يكن يترك في بيته شيئا فيه تصاليب، إلا نقضه.

قال ابن الجوزي في (كشف المشكل): النقض: تغيير الهيئة. اهـ.

وقال العيني في (عمدة القاري): أي: كسره، وأبطله، وغير صورته. اهـ.

وقال الشوكاني في (نيل الأوطار): الحديث يدل على جواز تغيير المنكر باليد من غير استئذان مالكه، زوجة كانت أو غيرها، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، أنه كان يهوي بالقضيب الذي في يده إلى كل صنم، فيخر لوجهه، ويقول: {جاء الحق وزهق الباطل} حتى مر على ثلاثمائة وستين صنما. اهـ.

وسئلت اللجنة الدائمة: وجدت وأنا في الطريق لقطة؛ وهي طير مصنوع من النحاس، وهذا الطير يقف على صليب ... الخ؟

فجاء في إجابتها: اللقطة لا يجوز التقاطها إلا لمنشد، يعرف عليها عاما لعله يجد صاحبها، وإلا فهي له، لكن اللقطة هنا ـ وهي طير مصنوع من نحاس ـ مال غير محترم؛ فكان الواجب عليك إتلافه ... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني