الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تكرر الذنب وتكرر التوبة منه

السؤال

أشكر الموقع على ما يقدمه من خدمات، وجعله الله في ميزان حسناتكم: أنا في 15 من عمري، ومنذ ستة أشهر شاهدت بعض الفيديوهات الجنسية وأنزلت المني، وبعدها ندمت ندما شديدا وتبت إلى الله، وقبل يومين دخلت موقعا جنسيا ولم أدخل للفيديو، بل تصفحت العناوين فاستثارتني وأنزلت المني بشكل يختلف عن المرة الأولى، لأنه كان يخرج بسرعة، فهل هذا هو الذي يسمونه: القذف السريع؟ وهل هذا الموضوع سوف يؤثر علي في المستقبل، وكلما أتوب إلى الله أرجع وأشاهد الحرام، وربي أعلم بما في نفسي من الندم؟ وهل يمكن أن يغفر لي ربي بعد المرات العديدة التي تبت فيها إليه إن امتنعت عن النظر إلى الحرام؟ وهل مشاهدة الأفلام الجنسية تعتبر ممارسة للعادة السرية؟.
ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يغفر ذنبك، ويطهر قلبك، وعليك بالمبادرة بالتوبة إلى الله عز وجل، وذلك بالندم والاستغفار لما مضى والإقلاع الفوري عن الذنب، وعقد العزم على عدم الأوبة إليه مرة أخرى.

واعلم أن معاودة الذنب بعد التوبة منه لا تمنع من قبول التوبة مرة أخرى، ففي الصحيحين عن أبي هريرة، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن عبدا أصاب ذنبا ـ وربما قال أذنب ذنبا ـ فقال: رب أذنبت، وربما قال: أصبت، فاغفر لي، فقال ربه: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله، ثم أصاب ذنبا، أو أذنب ذنبا، فقال: رب أذنبت ـ أو أصبت ـ آخر، فاغفره؟ فقال: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله، ثم أذنب ذنبا، وربما قال: أصاب ذنبا، قال: قال: رب أصبت ـ أو قال أذنبت ـ آخر، فاغفره لي، فقال: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي ثلاثا، فليعمل ما شاء.

قال النووي: معناه ما دمت تذنب ثم تتوب غفرت لك، وقال: هذه الأحاديث ظاهرة في الدلالة لها وأنه لو تكرر الذنب مائة مرة أو ألف مرة أو أكثر وتاب في كل مرة قبلت توبته وسقطت ذنوبه، ولو تاب عن الجميع توبة واحدة بعد جميعها صحت توبته. اهـ.

فنوصيك بالاستعانة بالله تعالى على التوبة مما جنيت، وإظهار الفاقة إليه في ذلك، إذ لا سبيل لك إلى هداية أو إنابة إلا بمعونته وفضله، وأعقب إساءتك بإحسان وطاعة تكون كفارة لها، فإن الحسنات يذهبن السيئات، وحافظ على الفرائض ـ لا سيما الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة ـ فهي سياج حصين عن الوقوع في ما يكره الله، وإذا استحضرت ضرر المعاصي وشؤم عاقبتها في دينك ودنياك وآخرتك هان عليك البعد عنها، واتخذ رفقة صالحة يذكرونك إن غفلت ويعينوك إن ذكرت، وتجاف عن رفقاء السوء، فالمرء يقتدي بخلانه، وأقبل على كتاب الله استماعا وتلاوة وتدبرا فهو نور الصدور وشفاء القلوب.

وأما قضية تأثير مشاهدة الأفلام الإباحية على الصحة بسرعة القذف أو غير ذلك من المشكلات: فالمرجع فيه إلى أهل الاختصاص، والذي نوصيك به ألا تجعل هذه القضية هي الباعث الأكبر على ترك تلك الأفلام، وإنما عليك أن تجعل توبتك خالصة لله، رجاء مرضاته، واتقاء سخطه، لتنال الأجر والمثوبة.

وأما سؤالك: وهل مشاهدة الأفلام الجنسية تعتبر ممارسة للعادة السرية ـ فقد تقدم جوابه في الفتوى رقم: 150983.

وراجع في بيان حرمة مشاهدة الأفلام الجنسية ووسائل التخلص منها الفتوى رقم: 137744.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني