الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التائب من الذنب كمن لا ذنب له

السؤال

أريد أن أسرد قصتي، وأعرف حكمها:
كنت أتحرش بأختي التي تصغرني بـ 6 سنوات، عندما كنت في 14 من عمري، وأنا الآن في 17، والحمد لله تبت منذ زمن بعيد، والحمد لله لم يدم الأمر كثيرا، فقط 10 أشهر، أو سنة، مع العلم أني لست بديوث أبدا، بل بالعكس، الكثير من الناس يقولون بأن غيرتي زائدة على محارمي، فذات مرة كدت أن أقتل شخصا، وافتعلت مشكلة كبيرة جدا؛ لأنه كان يحدق في أختي من بعيد، وأنا الآن أقسم بالله بأني أكاد أجن من شدة الندم، وكثيرا ما أبكي بحرقة، وأشعر بالنقص فقط عند تذكري ذلك الأمر، وأنا لا أعلم لماذا فعلت ذلك، ولا أعلم لماذا لا تفارقني تلك الذكرى الآن بالذات، مع العلم أني كنت في العام الماضي إذا تذكرتها، أندم وأحزن، لكن ليس كندمي الآن، أنا الآن أكاد أموت من شدة الندم، لدرجة أن ذلك أثر على نفسيتي، وأعترف أني كنت شديد الحمق والبلاهة في ذلك الوقت، وفي ذلك العمر خاصة، لكن لا أستطيع النسيان، ولا أخفي عليك يا شيخ أني حاولت أكثر من مرة أن أنتقم من نفسي كمحاولة قطع يدي، أو فقء عيني؛ لأني كرهت نفسي وبشدة، وأنا الآن والله، ثم والله، ثم والله لو يعطيني الله أمنية واحدة، لتمنيت أن أرجع بالزمن وأمنع نفسي من اقتراف ذلك الذنب، وأنا الآن أشعر بالنقص، ولدي أحلام أريد تحقيقها، ولكن كل ما أتذكر ذلك الأمر أتراجع وأشعر باليأس، وأقول لنفسي كيف لأحد أن يحقق ذلك، وهو كان يتحرش بأخته؟
وأنا الآن أريد أن أسألك سؤالين يا شيخ:
الأول: كيف أتوب بشكل جيد؛ لأني أشعر بأن توبتي السابقة لم تقبل؟
وهل من الممكن أن تقبل توبتي؟
الثاني: كيف أعالج نفسي وأتجاوز الأمر؟
وأخيرا آسف على الإطالة، لكن كنت أريد أن أخرج كل ما في صدري.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمهما عظم الذنب، فإنّه لا يعظم على عفو الله، فمن سعة رحمة الله، وعظيم كرمه، أنّ العبد مهما أذنب، ثمّ تاب إلى الله توبة صادقة، فإنّ الله يقبل توبته، ويعفو عنه، قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ{الشورى: 25 }. وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.

والتوبة تمحو ما قبلها، كما قال صلى الله عليه وسلم: التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ. رواه ابن ماجه. بل إن الله يفرح بتوبة العبد، ويحب التوابين، ويبدل سيئاتهم حسنات، ويعود القلب بعد التوبة أقرب إلى الله، وأكثر حباً له، وشوقاً إليه، وإقبالاً على طاعته، واستشعاراً لحلاوة الطاعة، فاجتهد في تحقيق التوبة، والإكثار من الأعمال الصالحة، وأبشر خيراً، ولا تستسلم لوساوس الشيطان، وثق بعفو الله، وأقبل على طاعته، واشغل وقتك بما ينفعك.
وللفائدة في كيفية تجاوز هذا الأمر، وعلاج آثاره النفسية، ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني