الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توفيت عن ابنة أخ من الأب وابني أخت من الأم

السؤال

امرأة هلكت عن ابنة أخ (الأخ من الأب)
وابني أخت (الأخت من الام)
ولا يوجد أحد غيرهم.
فلمن يكون الإرث؟ وكيف يقسم؟
سبق أن طرحت هذا السؤال، وطلبتم مني إيضاح صلة قرابة المتوفاة بالتفصيل.
فأرجو الرد للأهمية.
وشكرا جزيلا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كان الميت لم يترك ورثة غير من ذكر, فالجواب أن بنت الأخ ليست من الوارثات من النساء, بل هي من ذوي الأرحام, كما أن ابني الأخت من جهة الأم، من ذوي الأرحام أيضا.

وطريقة توريث ذوي الأرحام: أن الواحد منهم ينزل منزلة من أدلي به للميت, فمثلا بنت الأخ من جهة الأب, تعطى ميراث أخ لأب، كما أن ابني الأخت من جهة الأم، ينزلان منزلة الأخت لأم, وهكذا.

قال الدسوقي المالكي في حاشيته: واعلم أن في كيفية توريث ذوي الأرحام مذاهب، أصحها مذهب أهل التنزيل، وحاصله أن ننزلهم منزلة من أدلوا به للميت. انتهى,

وفي المغني لابن قدامة الحنبلي: ويورث ذوو الأرحام، فيجعل من لم يسم له فريضة، على منزلة من سميت له، ممن هو نحوه، فيجعل الخال بمنزلة الأم، والعمة بمنزلة الأب. وبنت الأخ بمنزلة الأخ، وكل ذي رحم لم يسم له فريضة، فهو على هذا النحو مذهب أبي عبد الله في توريث ذوي الأرحام مذهب أهل التنزيل، وهو أن ينزل كل واحد منهم منزلة من يمت به من الورثة، فيجعل له نصيبه. فإن بعدوا نزلوا درجة، درجة إلى أن يصلوا إلى من يمتون به، فيأخذون ميراثه. فإن كان واحدا أخذ المال كله، وإن كانوا جماعة، قسمت المال بين من يمتون به، فما حصل لكل وارث، جعل لمن يمت به. انتهى.

وفي دقائق أولي النهي مع منتهي الإرادات للبهوتي الحنبلي: (فإن أدلى جماعة) من ذوي الرحم (بوارث) بفرض، أو تعصيب (واستوت منزلتهم منه) بلا سبق كأولاده، وكإخوته المتفرقين الذين لا واسطة بينه وبينهم (فنصيبه لهم) كإرثهم منه. انتهى.

وبناء على ذلك, فإن ابني الأخت من جهة الأم، يقسم بينهما السدس الذي تستحقه أمهما التي هي أخت لأم, قال الله تعالى: وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارّ [النساء:12].
والباقي تأخذه بنت الأخ من الأب؛ لأنها بمنزلة الأخ من الأب الذي هوعاصب يأخذ الباقي بعد أصحاب الفروض.

ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا، وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه، ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني