الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لماذا أمر إبليس مع الملائكة بالسجود لآدم؟

السؤال

أنا الآن في مرحلة بحث وتدبر في آيات الله، وفي الفترة الأخيرة استوقفتني آيات، وأتمنى أن يكون عندكم الجواب عنها: لماذا وضع إبليس مع الملائكة مع أنه من الجن؟ أرجو ألا تعتقدوا أنني كفرت، فالله سبحانه وتعالى أمرنا بالتدبر، فكيف أتدبر وأنا لا أفهم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف في إبليس هل كان من الملائكة أم لا؟ فعلى القول بأنه كان من الملائكة فلا إشكال، وعلى القول بأنه كان من الجن، ولم يكن من الملائكة، وأنه هو أبو الجن، كما أن آدم أبو البشر، كما هو الراجح، فإنما شمله الأمر بالسجود لآدم لما تشبه بالملائكة، وتوسم بأفعالهم؛ فلهذا دخل في الخطاب لهم، كما قاله ابن كثير -رحمه الله-، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 291319.

وزيادة في البيان ننقل ما أورده القاسمي في هذه المسألة، وبه ينكشف الإشكال، قال -رحمه الله-: للعلماء في إبليس، هل كان من الملائكة أم لا؟ قولان:

أحدهما: أنه كان من الملائكة، قاله ابن عباس، وابن مسعود، وسعيد بن المسيّب، واختاره الشيخ موفق الدين، والشيخ أبو الحسن الأشعريّ، وأئمة المالكية، وابن جرير الطبريّ، قال البغويّ: هذا قول أكثر المفسرين؛ لأنه سبحانه أمر الملائكة بالسجود لآدم، قال تعالى: وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ، فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ ـ فلولا أنه من الملائكة، لما توجه الأمر إليه بالسجود، ولو لم يتوجه الأمر إليه بالسجود لم يكن عاصيًا، ولما استحق الخزي والنكال.

والقول الثاني: أنه كان من الجن، ولم يكن من الملائكة، قاله ابن عباس في رواية، والحسن، وقتادة، واختاره الزمخشريّ، وأبو البقاء العكبري، والكواشيّ في تفسيره؛ لقوله تعالى: إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ {الكهف: 50} فهو أصل الجن، كما أن آدم أصل الإنس، ولأنه خلق من نار، والملائكة خلقوا من نور، ولأن له ذرية، ولا ذرية للملائكة، قال في الكشاف: إنما تناوله الأمر، وهو للملائكة خاصة؛ لأن إبليس كان في صحبتهم، وكان يعبد الله عبادتهم، فلما أمروا بالسجود لآدم والتواضع له كرامة له، كان الجنيُّ الذي معهم أجدر بأن يتواضع. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني