الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الكلام المباح ليس عصيانا لله ورسوله ولا يوقع في الكفر

السؤال

قال الله تعالى: ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ـ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ـ ومشكلتي في الكلام المباح الذي لا فائدة منه، فلا أستطيع أن أتوقف عنه، وعندما أتذكر هذه الآية الكريمة وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أخاف أن أخالفهما وأعصيهما، حتى قلت مرة في نفسي إنني لن أسمع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وأستغفر الله ـ ولكنني عندما أتحدث بالكلام الذي لا فائدة منه، فليس قصدي تعمد المخالفة لهما، ولكنني أحب أن أتكلم مع الناس في موضوعاتهم، فأنا الآن أخاف أنني إذا تكلمت بهذا الكلام ـ وهذا متوقع ـ أن أكون لم ألتزم طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم بناء على الكلام الذي قلته في نفسي سابقاً، وعندما تحدثني نفسي بأن أتوقف عن هذا الكلام، أجدني أقول في نفسي أيضاً بأنني لن أتوقف عنه بكل إصرار وكأنني أعاند، أخاف أن أقع في الكفر لعنادي وعدم الاستجابة لله سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فلا أستطيع أن أجعل كلامي كله خيراً أو أصمت، وأقول إن الكلام المباح ليس بمعصية، فلا بأس به، فما حكم كلامي المباح الذي لا فائدة منه؟ وهل هو عصيان لله سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم وعدم استجابة لأمرهما؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا السؤال ناتج عن الوسواس الذي تعانين منه، وكنا قد نصحناك في فتاوى سابقة بأن تجاهدي هذه الوساوس وتلك الخواطر، ولا تسترسلي معها، فكلامك المباح ليس فيه عصيان لله ولرسوله وعدم استجابة لأمرهما، ولا أنه عناد قد يوقع في الكفر، بل كل ذلك من وسواس الشيطان، وغاية ما في الأمر أن المسلم يحاول قدر الاستطاعة ألا يتكلم إلا فيما هو خير، وأن يقلل الكلام في المباح الذي ليس وراءه فائدة ترتجى، فقد قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرح مسلم: وَقَدْ نَدَبَ الشَّرْع إِلَى الْإِمْسَاك عَنْ كَثِير مِنْ الْمُبَاحَات، لِئَلَّا يَنْجَرَّ صَاحِبهَا إِلَى الْمُحَرَّمَات أَوْ الْمَكْرُوهَات. انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في شرح كتاب الرقاق من صحيح البخاري: يجب أن نحفظ ألسنتنا عما حرم الله ويندب ندباً بالغاً أن نحفظها عما لا ينفع: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ـ أما ما كان خيراً في ذاته أو خيراً لغيره فلنتكلم به، فالخير لذاته مثل الذكر والقرآن، الخير لغيره أن يكون كلاماً مباحاً لكن فيه إدخال السرور على جلسائك، هذا لا بأس به، هذا خير، يعني لو كان الإنسان يتكلم بشيء مباح لكن فيه إدخال السرور على الغير هذا من الخير، لكن ليس خيراً لذاته بل خير لغيره، فإن اجتمع في ذلك أن يكون خيراً في ذاته وخيراً لغيره مثل: أن يتكلم في مسائل علم تنفع الحاضرين كان هذا أطيب وأفضل. انتهى.

وراجعي الفتوى رقم: 18955، ففيها تفسير قول الله: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيث.

ونؤكد على نصيحتنا لك في هذه الفتوى برقم: 218296.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني