الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام الاستثمار في البنك الربوي والاتجار به وبالمال الحرام والاستفادة من الأرباح

السؤال

ما حكم الأموال التي تم الحصول عليها من قبل الجوائز النقدية المقدمة من البنوك على حسابات التوفير؟ وإذا كانت محرمة وتم استخدامها كرأس مال للبدء بالعمل في التجارة الحلال، ومن ثم تم تجميع رأس المال المأخوذ من الجائزة وتوزيعه على المحتاجين، فهل في ذلك حرمة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه الجوائز يختلف حكمها باختلاف البنك الذي يقدمها، فإن كان البنك ربويا، فالأصل حرمة التعامل معه مطلقا، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي ما يلي: يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل أو الخارج، إذ لا عذر له في التعامل معها مع وجود البديل الإسلامي، ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب، ويستغني بالحلال عن الحرام. انتهى.

ولو احتاج المرء إلى معاملة بنك ربوي حاجة معتبرة لعدم وجود بنوك إسلامية، فإنه يقتصر على ما تدعو إليه الحاجة؛ كفتح حساب جار، لأن أمره أخف، ولو أعطي جوائز أو فوائد ربوية فعليه التخلص منها بدفعها للفقراء والمساكين أو في مصالح المسلمين العامة، وليس له الانتفاع بها في حق نفسه، ومن أخذ تلك الفوائد فعليه التخلص منها وليس له استثمارها إلا إذا كان فقيرا، فله حينئذ الأخذ منها، وله أن يقترض منها ليستثمرها ويكون الربح له، ويرد أصل رأس المال إلى مصارفه.

ويفرق هنا بين المال الحرام المأخوذ بغير رضا الدافع كالمغصوب والمسروق، فهذا قد اختلف في ربحه إذا استثمره الغاصب والمعتدي بين قائل بأن يكون الربح كله للمعتدي لجهده وكونه ضامنا، والغلة بالضمان، أو يكون الربح كله لرب المال، إذ ليس لعرق ظالم حق، وقائل بأن يكون الربح على نصفين: للمعتدي نصفه، ولرب المال نصفه. وأما هنا: فهذه الفوائد لم تؤخذ قهرا من صاحبها، بل عن رضى منه، فهي كالمأخوذ عوضا عن محرم، وقد قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: فإن تابت هذه البغي وهذا الخَمَّار، وكانوا فقراء جاز أن يصرف إليهم من هذا المال قدر حاجتهم، فإن كان يقدر يتجر أو يعمل صنعة كالنسج والغزل، أعطي ما يكون له رأس مال، وإن اقترضوا منه شيئا ليكتسبوا به... كان أحسن. انتهى.

وعلى هذا؛ فمن اتجر بتلك الفوائد فيكون الربح له، وليتخلص من رأس المال بصرفه في مصالح المسلمين العامة.

وأما لو كان الحساب التوفيري ببنك إسلامي، فلا حرج فيه، لأن إيداع المال بحساب توفير كي يتم استثماره من قبل البنك الإسلامي مقابل نسبة من الأرباح يكيف على أنه عقد مضاربة، وتنطبق عليه أحكامها، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ما يلي:....

ب‌ ـ الودائع التي تسلم للبنوك الملتزمة فعليا بأحكام الشريعة الإسلامية بعقد استثمار على حصة من الربح هي رأس مال مضاربة، وتنطبق عليها أحكام المضاربة ـ القراض ـ في الفقه الإسلامي... انتهى من مجلة مجمع الفقه.

ولمعرفة حكم الجوائز المقدمة من البنوك الإسلامية لأصحاب حسابات التوفير انظر الفتوى رقم: 304780.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني