الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الصلاة بالتيمم خشية خروج الوقت عند طلب الماء

السؤال

شيوخي الأعزاء سؤالي هو: إذا لم يكن لدي ماء، وأستطيع أن أطلبه من الناس، أو أن أشتريه، ويمكن أن تكون المسافة بعيدة، أو قريبة، لكن إذا ذهبت لطلبه، خرج وقت الصلاة. فأيهما أولى: التيمم والصلاة، وأن آتي بالماء للصلاة المقبلة، أم أذهب لآتي به، أو أشتريه ولو خرج وقت الصلاة؟
ذات مرة كنت في الجامعة وهي كبيرة، وخرجت من الامتحان، فالمبنى الذي كنت فيه، لم يكن فيه ماء، وإذا كنت سأذهب إلى المبنى الذي يليه، على الأغلب كنت سأجد فيه ماء، لكن كان سيخرج وقت الصلاة؛ فتيممنا أنا وأصحابي وصلينا.
فهل صلاتنا صحيحة، والمسافة كانت قريبة؟
وماذا إذا كانت المسافة بعيدة. فهل يعد نفس حكم المسافة القريبة؟
فأيهما أولى: التيمم، والصلاة قبل خروج الوقت، أم أن آتي بالماء إن غلب على ظني خروج الوقت، وخروج وقت الصلاة، مع بيان أقوال العلماء؟
أدخلكم الله فسيح جناته.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد تضمن سؤالك مسألتين:

المسألة الأولى: تحصيل الماء, وهذا مطلوب من المكلف، حيث يجب عليه بذل الجهد في تحصيل الماء لكل صلاة بطلب, أو بثمن معتاد، لا يحتاج إليه.

جاء في الفواكه الدواني للنفراوي المالكي: لو لم يجد من فرضه التيمم الصعيد إلا بالثمن، لزمه شراؤه، كما يلزمه شراء الماء بالثمن المعتاد الذي لم يحتج له، كما يلزمه قبوله ممن وهبه له، لا قبول ثمنه، ويلزمه طلبه لكل صلاة. انتهى.

وفي المجموع للنووي: لا يجوز لعادم الماء التيمم إلا بعد طلبه. هذا مذهبنا، وبه قال مالك، وداود، وهو رواية عن أحمد. وقال أبو حنيفة: إن ظن بقربه ماء، لزمه طلبه، وإلا فلا. واحتج له بأنه عادم للأصل، فانتقل إلى بدله، كما لو عدم الرقبة في الكفارة، ينتقل إلى الصوم، واحتج أصحابنا بقوله تعالى: (فلم تجدوا) قال الشافعي والأصحاب: لا يقال لم يجد، إلا لمن طلب فلم يصب، فأما من لم يطلب، فلا يقال لم يجد. انتهى.

وراجع المزيد في الفتوى رقم: 177699.

وطلب الماء إنما يلزم في المسافة القريبة التي يقدرعليها الشخص, فإن بعدت المسافة بحيث يشق عليه قطعها، سقط طلب الماء, وتيمم.

قال الحطاب المالكي في مواهب الجليل: يعني أن الطلب الذي يلزم المكلف، هو الطلب الذي لا يشق عليه, وذلك يختلف باختلاف الناس، فليس الشيخ كالشاب، ولا الرجل كالمرأة، ولا الضعيف كالقوي. انتهى.

المسألة الثانية: خشية خروج الوقت بطلب الماء, وأكثر أهل العلم على أن الشخص يطلب الماء حتى يحصل عليه, ولو أدى ذلك إلى خروج الوقت, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 41440, والفتوى رقم: 47136.

وبناء على ذلك, فإذا كنتم قد صليتم بالتيمم مع القدرة على تحصيل الماء, ولو بعد خروج وقت الصلاة, فصلاتكم باطلة، تجب إعادتها عند أكثر أهل العلم، وذهب البعض إلى صحتها كما رأيت.

ومع أننا لا نفتي بصحة الصلاة في مسألتكم هذه، فإننا قد بينا في الفتوى رقم: 125010، أن الأخذ بالقول المرجوح، والفتوى به بعد وقوع الأمر، مما سوغه كثير من العلماء, وبالتالي، فلا حرج عليكم في عدم إعادة الصلاة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني