الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب المستفتي إذا اختلفت عليه فتوى العلماء

السؤال

إذا استفتيت شيخين في موضوع طلاق، واختلفا فيما بينهما. إلى من أستمع: إلى من ارتاح له قلبي، أم من أثق فيه، أم من أقنعني؟
الرجاء الإفادة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فننبه أولا إلى أن الطريق الأمثل للاستفتاء عن حكم شرعي، هي: أن يتحرى المستفتي، ويختار من يثق في علمه وورعه، وأن يسأله عما أشكل عليه، ويعمل بما أفتاه به من غير احتياج إلى سؤال غيره؛ ليلا يحصل عنده تشويش وارتباك لو اختلفت فتوى المفتين، ومعلوم أن اختلاف المفتين أمر طبيعي، وله أسباب موضوعية، معروفة عند أهل العلم.

بالنسبة لسؤالك: فإنه إن اختلفت عليك الفتوى في الطلاق، أو غيره، فاعمل بما يغلب على ظنك أنه الحق، إما بالنظر في أدلة كل فتوى، والعمل بأرجحها، إن كنت تقدر على ذلك، وإما بتقليد الأوثق في نفسك، إن كنت غير مؤهل للنظر في الأدلة.

قال الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه: فإن قال قائل: فكيف في المستفتي من العامة إذا أفتاه الرجلان واختلفا، فهل له التقليد؟ قيل: إن كان العامي يتسع عقله، ويكمل فهمه إذا عقِّل أن يعقل، وإذا فُهِّم أن يفهم، فعليه أن يسأل المختلفين عن مذاهبهم، وعن حججهم، فيأخذ بأرجحها عنده، فإن كان له عقل يقصر عن هذا، وفهمه لا يكمل له، وسعه التقليد لأفضلهما عنده. انتهى.
وإذا تساوت عندك الأقوال، ولم يترجح منها قول، فلك أن تأخذ بأيسرها.

قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: " ... الإنسان إذا اختلفت عليه الفتوى، فإنه يتبع من يراه أقرب إلى الحق، لغزارة علمه، وقوة إيمانه، كما أن الإنسان إذا كان مريضًا ثم اختلف عليه طبيبان، فإنه يأخذ بقول من يرى أنه أرجح لما وصفه له من دواء.

وإن تساوى عنده الأمران، أي لم يرجح أحد العالمين المختلفين. فقال بعض العلماء: إنه يتبع القول الأشد؛ لأنه أحوط. وقال بعض العلماء: يتبع الأيسر؛ لأنه الأصل في الشريعة الإسلامية، وقيل: يخيَّر بين هذا وهذا. والراجح: أنه يتبع الأيسر؛ لأن هذا موافق ليسر الدين الإسلامي؛ لقول الله تبارك وتعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْر. مجموع فتاوى ورسائل العثيمين.

وللفائدة، راجع الفتوى رقم: 169801.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني