الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صلاة من تقدم على الإمام وهو لا يدري

السؤال

دخلت في مصلى الكلية؛ لأصلي العصر، لكن قسم النساء في الدور الثاني، وكنا نصلي جماعة مع الإمام. وفي الأسبوع التالي عندما جئت لأصلي، علمت من البنات أن من يصلي في الصف الأول، يكون قد تقدم على الإمام.
فما حكم صلاتي للعصر هل أعيدها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فالعلماء مختلفون في حكم صلاة من صلى متقدما على إمامه، فمنهم من صححها مطلقا، وهو محكي عن مالك وداود وإسحاق، وهو كذلك قول للشافعية، ومنهم من أبطلها مطلقا، وهو قول الجمهور، وتوسط شيخ الإسلام ابن تيمية، فرأى أن الصلاة تصح قدام الإمام للعذر كضيق المكان، وحكاه ابن المنذر عن مالك.

قال الشيرازي في المهذب: فَإِنْ تَقَدَّمَ الْمَأْمُومُ عَلَى الْإِمَامِ، فَفِيهِ قَوْلَانِ: قال في القديم: لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، كَمَا لَوْ وَقَفَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَحْدَهُ: وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ: تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ وَقَفَ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ مَوْقِفَ مُؤْتَمٍّ بِحَالٍ، فأشبه إذا وقف في موضع نجس. اهـ.

وقال النووي حاكياً المذاهب في المسألة: (فَرْعٌ) فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي تَقَدُّمِ مَوْقِفِ الْمَأْمُومِ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِنَا أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِهِ. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدُ، وَقَالَ مَالِكٌ، وإسحق، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَدَاوُد: يَجُوزُ. هَكَذَا حَكَاهُ أَصْحَابُنَا عَنْهُمْ مُطْلَقًا، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مَالِكٍ، وإسحاق، وأبي ثور، إذا ضاق الموضع. انتهى.

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية: هل تجزئ الصلاة قدام الإمام، أو خلفه في المسجد، وبينهما حائل أم لا؟

فأجاب: أما صلاة المأموم قدام الإمام. ففيها ثلاثة أقوال للعلماء:

أحدها: أنها تصح مطلقاً، وإن قيل إنها تكره، وهذا القول هو المشهور من مذهب مالك، والقول القديم للشافعي.

والثاني: أنها لا تصح مطلقًا كمذهب أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد في المشهور من مذهبهما.

والثالث: أنها تصح مع العذر دون غيره، مثل ما إذا كان زحمة، فلم يمكنه أن يصلي الجمعة، أو الجنازة إلا قدام الإمام، فتكون صلاته قدام الإمام، خيراً له من تركه للصلاة. وهذا قول طائفة من العلماء، وهو قول في مذهب أحمد وغيره. وهو أعدل الأقوال وأرجحها ... . اهـ.

وإذا علمت هذا، فصلاتك المذكورة صحيحة عند من يرى جواز تقدم المأموم على الإمام، وكذلك عند من يرى الصحة مع العذر، وذلك إذا اعتبرنا أنك معذورة بجهلك بتقدمك على الإمام. والاحتياط لكِ قضاؤها، موافقة للجمهور المانعين من تقدم المأموم مطلقاً، والخطب يسير؛ فإنها صلاة واحدة، فلو قضيتِها احتياطا، فليس في ذلك كبير مشقة، مع ما فيه من الخروج من خلاف العلماء، وينبغي أن يؤخر مكان الصف الأول، أو توضع إشارة إلى أن ذلك المكان متقدم على الإمام، حتى لا يصلي فيه أحد، مقتدٍ بالإمام. وانظري الفتوى رقم: 218110 في حكم الصلاة في الطابق الثاني من المسجد متقدما كان، أو متأخرا عن الإمام، والفتوى رقم: 237151 في حكم تقدم بعض صفوف النساء على الإمام، ومثلها الفتوى رقم: 67795.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني