الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الذهاب إلى الزوجة الثانية أحيانا في نوبة الأولى بسبب إيذاء الأولى وسوء خلقها

السؤال

لي زوجتان، زوجتي الأولى تعصيني، وتؤذيني بلسانها، وأحيانا تؤذي بناتها، وهذا كله يسبب لي النفور منها، والذهاب إلى شقة الزوجة الثانية التي تطيع الله في، والتي لا يفصل شقتها عن شقة الأولى، إلا جدار فيه باب.
أنا حريص على العدل، ولكن أكره المكوث في شقتها؛ لكيلا يحصل تطاول باللسان، أو باليد لكلينا، وهو ما يحصل أحيانا.
بالمناسبة، أنا أضع ملابسي، ومكتبي في شقة الثانية؛ لأنها تعييني على عملي سواء بخدمتها لي، أو بعلمها (نفس تخصصي) وكذلك أخلاقها، وليس لها أولاد، ولكي أخفف الحمل عن الأولى، والتي طلبت منها ذلك، وهي ترضى بذلك في وقت الهدوء، لكن سرعان ما ترجع عن قراراتها في وقت الشجار. وطبيعة عملي تتطلب الهدوء، والتركيز؛ لأني أستاذ جامعي، وزوجتي الأولى لديها ثلاث بنات، ونقل مكتبي وملبسي هناك فيه مشقة علي من ناحية الترتيب، والتركيز، وحال الزوجة الأولى كونها غير متعلمة، وإثارة المشاكل التي تعكر صفو الحياة، وليس العمل فقط، مع أني أحاول جاهدا تعويض الوقت الذي أقضيه في مكتبي، والذي هو في شقة الثانية، بوقت آخر مع الزوجة الأولى. في بعض حالات الشجار، أتجنب المبيت عند زوجتي الأولى؛ لأن الوضع لا يمكن تحمله.
أفتوني فيما عليّ فعله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالواجب عليك أن تعدل بين زوجتيك، ولا يجوز لك تفضيل زوجة على أخرى في القسم، فعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كانت له امرأتان، فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل. رواه أبو داود والترمذي.

والعدل الواجب يكون في المبيت، والنهار يدخل في القسم تبعا لليل، فلا يجوز لك الدخول على الزوجة في غير نوبتها، والبقاء عندها نهاراً، إلا لحاجة.

قال الحجاوي -رحمه الله-: وكذا يحرم دخوله نهارا إلى غيرها، إلا لحاجة. الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل.

وقال ابن قدامة -رحمه الله-: وأما الدخول في النهار إلى المرأة في يوم غيرها، فيجوز للحاجة من دفع النفقة، أو عيادة، أو سؤال عن أمر يحتاج إلى معرفته، أو زيارتها لبعد عهده ونحو ذلك. اهـ.

فلا يسوغ أن تبقى في بيت الزوجة الثانية في غير نوبتها، لكون بيتها أكثر هدوءا، أو كونها أحسن استقبالاً لك، وتفاهماً معك. لكن إذا رضيت الزوجة الأولى بأن تبقى في بيت الثانية نهاراً في نوبتها، فلا حرج عليك حينئذ، وإذا رجعت وطالبت بحقها، فلها ذلك، ولا يجوز لك ترك المبيت عندها في نوبتها، إلا إذا رضيت بذلك، أو نشزت عليك، فيسقط حقها من القسم حينئذ.

قال ابن قدامة -رحمه الله-: فإن قسم لإحداهما، ثم جاء ليقسم للثانية، فأغلقت الباب دونه، أو منعته من الاستمتاع بها، أو قالت: لا تدخل علي، أو لا تبت عندي، أو ادعت الطلاق، سقط حقها من القسم، فإن عادت بعد ذلك إلى المطاوعة، استأنف القسم بينهما ولم يقض الناشز؛ لأنها أسقطت حق نفسها. المغني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني