الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قول العلماء في اشتراط الأب على الزوج شيئا من المهر لنفسه

السؤال

ما قولكم فيما يشترطه أهل البنت لأنفسهم من مال أو غيره حين يخطبها خاطب؟ وما العمل إذا ظهر أن هذا المال حرام هل يردونه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد اختلف أهل العلم في اشتراط الأب أو الولي على الزوج مالاً من المهر أو زائدا عليه هل يجوز أم لا؟ فذهب المالكية إلى أن ما اشترط في عقد النكاح من عطاء يشترطه الولي لنفسه أو لغيره، فإن ذلك كله للزوجة. وذهب الشافعية إلى عدم جواز ذلك، وأن الصداق فاسد، وللزوجة مهر المثل. وذهب الحنابلة إلى صحة ذلك. قال الإمام الباجي المالكي في المنتقى: قوله -يعني مالكا - (أن كل ما اشترط المنكح من كان أبا أو غيره من حباء أو كرامة فهو للمرأة إن ابتغته) يقتضي أن ما اشترط في عقد النكاح من عطاء يشترط الولي لنفسه أو لغيره، فإن ذلك كله للزوجة، ووجهه أنه عقد معاوضة، فوجب أن يكون جميع عوضه لمن عوضه من جهته كالبيع والإجارة. انتهى. وقال جلال الدين المحلي الشافعي في شرح المنهاج: ولو نكح بألف على أن لأبيها أو على أن يعطيه ألفا، فالمذهب فساد الصداق، ووجوب مهر المثل، في المسألتين، لأنه جعل بعض ما التزمه في مقابلة البضع لغير الزوجة، والطريق الثاني فساده في الأولى دون الثانية، كما نص عليه في مختصر المزني، لأن لفظ الإعطاء لا يقتضي أن يكون المعطى للأب، والطريق الثالث في كلٍ قولان بالنقل والتخريج أحدهما الصحة بالألفين، ويلغو ذكر الأب. انتهى. وقال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: (ولأبي المرأة الحرة أن يشترط شيئا من صداقها لنفسه) بل يصح (ولو) اشترط (الكل) أي كل الصداق، لأن شعيبا زوج موسى عليهما الصلاة والسلام ابنته على رعاية غنمه وذلك اشترط لنفسه، ولأن للوالد الأخذ من مال ولده، لقوله صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. ولقوله صلى الله عليه وسلم: إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم. رواه أبو داود والترمذي وحسنه، فإذا اشترط شيئا لنفسه من مهر ابنته صح. انتهى. والراجح ما ذهب إليه الحنابلة. وينبغي للولي أن يكون عونا لبنته في زواجها لا أن يطلب الرزق مما يعطى حلوانا لبضعها، وقد أعرض كثير من الشباب عن الزواج بسبب ما يفرض من قبل الأولياء من تكاليف الزواج التي تدفع للزوجة وأبيها وأمها وأخواتها وما يتبع ذلك، وقد سئل عكرمة رحمه الله عما يأخذه الأب فقال كما في المصنف: إن كان هو الذي ينكح فهو له. انتهى، وفي كلامه رحمه الله زجر شديد عن ذلك. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني