الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأم تطلب من ابنها مساعدة أخيه وهو لا يرغب

السؤال

أنا شاب عمري 36 سنة، من مصر. توفي والدي وأنا صغير، وعندها تهرب أخي الأكبر من المسؤولية، وأصبحت أنا المسؤول عن الأسرة (ستة أفراد) وأنا لم أكمل 12عاما، والحمد لله ساعدتهم كلهم ماديا، وتزوجوا حتى شقيقي الأكبر الذي لم يساهم في تكاليف زواجه بأي شيء يذكر، والآن أعمل خارج مصر منذ 11 سنة، وحاليا في السعودية، وأردت عمل عمرة لأمي، إلا أنها طلبت مني مساعدة شقيقي الأصغر الذي عمره 26 سنة ( الأخير) في زواجه بدلا من العمرة، حتى تطمئن عليه قبل وفاتها، ولكني رفضت؛ لأنه كسول، ولا يعمل، ويستغل حنان أمي في طلباته التي لا تنتهي؛ فهي تأخذ منا، وتعطيه مصروفه الذي يسيء استخدامه كشاب للأسف فاشل، ومستهتر.
أنا يا شيخ متزوج منذ 8 سنوات، وعندي طفلان، ولم أدخر شيئا لهما حتى الآن، وكل ما أكرمني به الله من أموال، صرفته على العائلة، وزوجتي الآن غير مرتاحة تماما في بيت العائلة، وأرغب في بناء بيت مستقل لأسرتي بعيدا عن المشاكل. أنا وزوجتي لا مانع لدينا في تحمل تكاليف العمرة لوالدتي، ولكن بصراحة لا أريد أن أدفع تكاليف الزواج لأخي الأصغر، طالما أنه لن يشارك على الأقل بالنصف من تكاليف زواجه، خاصة أنه يستطيع، ولا توجد لديه أي مشكلة صحية، ولكنه الاستهتار، والكسل.
أخشى إذا رفضت طلب أمي أن أكون عاقا لها، وأخشى إذا وافقت على طلبها، وتحملت تكاليف زواج أخي، أن أكون قد ظلمت زوجتي، وأولادي.
فماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يجزيك خير الجزاء، ويخلف عليك خيراً، ويعينك على بر أمّك، وصلة رحمك، ويتقبل منك صالح عملك، واعلم أنّه لا يجب عليك أن تدفع لأخيك المال ليتزوج ما دام قادراً على الكسب.

قال المرداوي -رحمه الله-: القدرة على الكسب بالحرفة: تمنع وجوب نفقته على أقاربه. صرح به القاضي في خلافه. ذكره صاحب الكافي وغيره. الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي.
فإذا امتنعت من إعانة أخيك على الزواج، لا تكون عاقاً لأمّك، ولا تأثم بذلك -إن شاء الله-
لكن إن قدرت على إعانة أخيك في الزواج من غير إجحاف بمالك، فهذا أولى وأفضل، وأعظم أجراً، لا سيما إذا بدا لك أن تزويجه قد يصلحه، وأنّ أمّك ستغضب منك إن لم تفعل.

فقد جاء في الفروق للقرافي: قِيلَ لِمَالِكٍ ... يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: لِي وَالِدَةٌ، وَأُخْتٌ، وَزَوْجَةٌ. فَكُلَّمَا رَأَتْ لِي شَيْئًا، قَالَتْ: أَعْطِ هَذَا لِأُخْتِك، فَإِنْ مَنَعْتُهَا ذَلِكَ سَبَّتْنِي، وَدَعَتْ عَلَيَّ. قَالَ لَهُ مَالِكٌ: مَا أَرَى أَنْ تُغَايِظَهَا، وَتَخْلُصَ مِنْهَا بِمَا قَدَرْت عَلَيْهِ، أَيْ وَتَخْلُصَ مِنْ سَخَطِهَا بِمَا قَدَرْت عَلَيْهِ. أنوار البروق في أنواع الفروق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني