الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام في التعامل مع الفروع الإسلامية لبنوك ربوية وأرباحها

السؤال

منذ فترة وضعت مبلغا من المال ـ 20 ألف جنيه مصري ـ في أحد البنوك، وهو فرع إسلامي لأحد البنوك الربوية، ونزلت لي أرباح لمدة 3 سنوات، ولم آخذ من هذا المال طيلة هذه الفترة، وعندما سألت موظف البنك عن تعاملات البنك قال إن لهم هيئة شرعية والأرباح تأتي متغيرة، فسألت أحد العاملين في البنوك، فقال لي إن في الحساب الختامي للبنك الربوي الأم يظهر بند للفرع الإسلامي وهناك مشرف يتابع مدى التزام البنك بالتعامل الإسلامي، وهذا المشرف يجد أخطاء من الموظفين خصوصا في مجال القروض، فهل أستمر في التعامل مع هذا الفرع الذي يعلن عن هوية إسلامية، وله هيئة شرعية؟ وفي حالة أفتيتم بعدم الجواز فسأحتفظ برأس المال وأتخلص من الزيادة، ولكن بخصوص المصاريف التي يخصمها البنك مني نظير الخدمات التي يقدمها كبطاقة ماكينة الصرف الآلي وغيرها من الخدمات، فهل أخصم هذه المصروفات الإدارية من أصل المال؟ أم مما زاد عن رأس المال؟ كما أريد معرفة رأيكم في بنك فيصل وبنك أبو ظبي الإسلامي، وهل هي بنوك إسلامية؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان الفرع المذكور يتقيد بأحكام الشرع، وجميع قنواته الاستثمارية منفصلة عن البنك الربوي، فلا بأس في التعامل معه واستثمار المال لديه والانتفاع بأرباحه، وأما إذا كان هذا الفرع لا يلتزم بأحكام الشرع في معاملاته، فلا يجوز التعامل معه.

وأما مسألة أخطاء بعض الموظفين لقصور علمهم أو ضعف الوازع الديني لديهم، فلا تجعل معاملته محرمة، لكن على هيئة الرقابة الشرعية مراعاة ذلك وحث الموظف وإدارة البنك على الالتزام بالضوابط الشرعية ومراقبة أعمالها. وطريقة معرفة مدى التزام هذا الفرع أو غيره من البنوك بالضوابط الشرعية يكون بسؤال أهل العلم الموثوق بهم ببلدك والذين لهم اطلاع على معاملات تلك البنوك.

وعلى كل، فلا مانع من الانتفاع بالأرباح السابقة التي كسبتها من خلال استثمار المال بالفرع المذكور في دفع مصاريف البطاقة أو غيرها من وجوه الانتفاع, لما قاله بعض أهل العلم من أن من اكتسب مالا محرما جاهلا بالحرمة أو اتباعا لفتوى مفت أو هيئة شرعية، فإنه لا يلزمه التخلص منه، بل له الانتفاع به. قال ابن عثيمين ـ رحمه الله: الذي يظهر لي: أنه إذا كان لا يعلم أن هذا حرام فله كل ما أخذ، وليس عليه شيء، أو أنه اغتر بفتوى عالم أنه ليس بحرام، فلا يخرج شيئاً، وقد قال الله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ {البقرة: 275}... اهـ.

لكن إن تبين لك عدم التزام الفرع المذكور بالضوابط الشرعية فعليك سحب المال منه فيما يستقبل، ويمكنك البحث عن أحد البنوك الإسلامية لتستثمره لديها، وأما بنك فيصل الإسلامي وبنك أبو ظبي الإسلامي: فهما من البنوك الإسلامية، ولكل منهما هيئة رقابة شرعية، لكن لا يمكننا الحكم عليهما حكما مطلقا، بل المرجع في ذلك ـ كما ذكرنا ـ إنما يكون بسؤال أهل العلم الموثوق بهم ببلدك ممن لديهم اطلاع على حال تلك البنوك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني