الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أثر على إيمان الكاره للوساوس

السؤال

أخي الكريم الفاضل: الحمد لله أني على قدر كبير من الإيمان، والطيبة، والأخلاق الحسنة.
معاناتي مع الوسواس القهري بدأت منذ 14 عاما، مرَّت علي كل أنواع الأفكار الوسواسية في (العقيدة، العبادات، الطهارة، الموت ...) ومهما وصفت من عذاب عشته، فلن تستطيع تخيله، إلى درجة أنه تسبب لي بأمراض عضوية: (القلب، ضيق التنفس، التأتأة في الكلام)
لقد عكر علي حياتي الدينية، والدنيوية. واليوم يا فضيلة الدكتور بإذن الله أنوي تجاهله، إني أدعو الله أن يوفقني لذلك، ويعينني، لكني أجد صعوبة، وألما شديدا في تجاهله، خائفة أن أصل منتصف الطريق، وأعود أدراجي خائبة، فإني أجد في نفسي كلاما لا أرضى به أبدا مثل: سب الذات الإلهية، والملائكة، لم أعد أقرأ القرآن؛ لأني كلما حملته، أسمع أصواتا تسبُّه، وتتفل عليه، فأضع المصحف، أسمع أصواتا بداخلي تحرم أشياء أحّلها الله مثل: تحريم الحياة، والعيش، الأكل، الدين الإسلامي، ... مما يجعلني أعيش في ضيق وقلق؛ لإحساسي أن الناس جميعا يعيشون في حلال، أمَّا أنا ... (عكس ذلك)، لذلك حتى أحس بقليل من الراحة المؤقتة، أرُدُّ على الشيطان مثلا: إذا سمعته يقول بتحريم شيء، فأردُّ عليه وأقول: "إلاَّ إذا حرَّمه الله"، وهكذا أبقى في أخذٍ وردِّ مع الشيطان في حلقة مفرغة، تخَيل هذا الأمر مدة 14 عاما؟ والله تعبت ... والله تعبت ... خاصة أثناء الصلاة، أبدأ بالجدال مع الشيطان، فتختلط علي الآيات مع ذاك الجدال؛ مما أدى بي إلى ترك الصلاة، وكلّي ألم؛ لأنَّ قلبي معلق بها؛ لأني صراحة ذقت طعم السعادة الحقيقية مع الله، ولم أجد شيئا يضاهيها، أو يغنيني عنها.
الآن كما قلت لك أنوي تجاهله، والإعراض عنه بأن لا أرُدَّ عليه، وأتركه يلعنُ، ويسبُّ، ويحرم أشياء، لكن كل خوفي أن أتَّخذ هذه الخطوة وأصل منتصف الطريق، وأندم لِمَ لَمْ أرُد عليه، وبالتالي أشعر أن تلك الأشياء مُحَرّمة، ولا تحل لي.
فما العمل؟
أفيدوني من علمكم، زادكم الله علما.
أعتذر عن الإطالة عليكم، لكن اعلموا أن كل هذا قطرة من بحر، ومُسبقا: أشكركم جزيل الشكر، بارك الله فيكم، تقبلوا مني فائق الاحترام والتقدير، وكلي ثقة أن أجد لديكم الجواب الشافي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد كثر تنبيهنا مرارا وتكرارا، على أنه لا علاج للوساوس سوى الإعراض عنها، وتجاهلها، وعدم الالتفات إليها.

واعلمي -عافاك الله- أن هذه الوساوس لا تضرك، ولا تؤثر في إيمانك، بل كراهتك لها، ونفورك منها، دليل على صدق إيمانك، وأنت تؤجرين إن شاء الله على سعيك في مجاهدة هذه الوساوس، ومدافعتها، وانظري الفتوى رقم: 147101.

والنصيحة المبذولة لك هي: أن تعلمي أن هذه الوساوس من كيد الشيطان لك، ومكره بك، يريد بها أن يفسد حياتك، وينغص عيشك، ففوتي عليه هذه الفرصة، وقاومي تلك الوساوس، ولا تسترسلي معها البتة، ولن ترجعي -إن شاء الله- في منتصف الطريق، بل كلما خطوت خطوة في طريق تجاهل هذه الوساوس، فإنها ستخف بإذن الله حتى تتلاشى تماما، ولا يبقى لها أثر، ولو راجعت أحد الأطباء الثقات، رجونا أن يكون ذلك نافعا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني