الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يتعرف أهل المخطوبة على خلق ودين الخاطب

السؤال

عندما يتقدم لخطبة ابنتي رجل.
كيف أفحص عن صفاته، فقد يظهر المرء ما لا يكون فيه، وقد يتغير إلى السوء بعد زمن؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن البنت أمانة عند أبيها، فمن حقها عليه أن يحسن لها اختيار الزوج، وهو من وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالدين، وحسن الخلق، كما في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه؛ فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض.

قال الغزالي في إحياء علوم الدين: والاحتياط في حقها أهم؛ لأنها رقيقة بالنكاح، لا مخلص لها، والزوج قادر على الطلاق بكل حال، ومهما زوج ابنته ظالما، أو فاسقا، أو مبتدعا، أو شارب خمر فقد جنى على دينه، وتعرض لسخط الله لما قطع من حق الرحم، وسوء الاختيار. وقال رجل للحسن: قد خطب ابنتي جماعة، فمن أزوجها قال: ممن يتقي الله، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها. اهـ.

ومن أهم ما يمكن أن يعينك على اختيار الزوج الصالح لابنتك الدعاء، فهو من أفضل ما يتحقق به المرغوب، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}،هذا أولا.

ثانيا: سؤال الثقات ممن يعرفون الخاطب، ومن هم ألصق به، ويعرفون مدخله ومخرجه، ثبت في صحيح مسلم أن فاطمة بنت قيس -رضي الله عنها- جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن معاوية بن أبي سفيان، وأبا جهم خطباني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« أما أبو جهم، فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد». فكرهته، ثم قال: « انكحي أسامة». فنكحته، فجعل الله فيه خيرا، واغتبطت به.

ثالثا: إذا استشرت، وأثني على الخاطب خيرا، فاستخر الله تعالى فيه، فهو سبحانه علام الغيوب، وأعلم بعاقب الأمور.

وانظر في الاستخارة الفتويين التاليتين: 19333 // 123457.

رابعا: إذا تم الزواج، فتعاهدهما بنصحك ورعايتك، وتفقد أحوالهما. فمن كان في بداية مشوار الحياة الزوجية، تفوت عليه كثير من الأمور، التي يدركها أهل الخبرة من الأزواج. وعلى الوالدين إعطاء ابنتهما مزيد نصح لتكون امرأة صالحة تعين زوجها.

جاء في كتاب تحفة العروس: وصى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ابنته فقال:( إياك والغيرة؛ فإنها مفتاح الطلاق، وإياك وكثرة العتاب؛ فإنه يورث البغضاء "أي الكراهية" ، وعليك بالكحل فإنه أزين الزينة، و أطيب الطيب الماء)،......

وخطب عمرو بن حجر ملك كندة، أمَ إياس بنت عوف بن مسلم الشيباني، ولما حان زفافها إليه، خلت بها أمها أمامة بنت الحارث، فأوصتها وصية تبين فيها أسس الحياة الزوجية السعيدة، وما يجب عليها لزوجها مما يصلح أن يكون دستوراً لجميع النساء فقالت: أي بنية: إنك فارقت الجو الذي منه خرجت، وخلَّفت العش الذي فيه درجت، إلى وكرٍ لم تعرفيه، وقرينٍ لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك رقيباً، فكوني له أمةً يكن لك عبداً وشيكاً، واحفظي له خصالاً عشراً تكن لك ذخراً.... اهـ.

وللمزيد يمكن مراجعة هذا الكتاب، فهو مهم جدا، ففيه أسس الحياة الزوجية السعيدة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني