الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الجمع بين كون رسول الله صلى الظهر في يوم النحر بمنى وبمكة

السؤال

ما هو توجيه حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في حجة الوداع الظهر في منى. وفي بعض الروايات: في مكة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كان السؤال عن صلاته صلى الله عليه وسلم الظهر يوم النحر في حجة الوداع, فعن ابن عمر في حديث صحيح: أنه أفاض يوم النحر، ثم رجع فصلى الظهر بمنى.

وفي حديث آخر صحيح أيضًا عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بمكة.

ووجه الجمع بين هذين الحديثين من عدة أوجه نبه عليها أهل العلم, ومن ذلك ما جاء في التوضيح لشرح الجامع الصحيح لابن الملقن سراج الدين الشافعي: فائدة: ثبت في صحيح مسلم من حديث ابن عمر: أنه عليه السلام صلى الظهر يوم النحر بمنى كما سلف، وثبت فيه أيضًا من حديث جابر: أنه صلى الظهر بمكة.

قال ابن حزم: وكذا قالته عائشة فاستشكل الجمع بينهما، ونسب أحدهما إلى الوهم. قال ابن حزم: إلا أن الأغلب عندنا أنه صلى الظهر بمكة، لوجوه ذكرها قال: ولم يبق من حجة الوداع شيء لم يبن لي وجهه غير الجمع بينهما، ومن تلك الوجوه: اتفاق عائشة، وجابر على ذَلِكَ، ولأن حجة الوداع كانت في شهر آذار، وهو وقت تساوي الليل والنهار، وقد دفع عليه السلام من مزدلفة قبل طلوع الشمس إلى منى وخطب بها، وفعل أعمالًا لا تسع صلاته الظهر بمنى.

وقال القرطبي: حديث جابر أصح، ويعضده حديث أنس: أنه صلى العصر يوم النحر بالأبطح، وإنما صلى الظهر بمنى يوم التروية، كما قال أنس.
وفي حديث ابن عمر: وهم من بعض الرواة، وقال غيره من المتأخرين: يحتمل أن يكون أعادها بمنى، لبيان الجواز، كما صلى بأصحابه في بطن نخل مرتين، وقال الشوكاني في نيل الأوطار: قوله: فصلى الظهر بمنى ـ وقوله في الحديث الآخر: فصلى بمكة الظهر ـ ظاهر هذا التنافي، وقد جمع النووي بأنه صلى الله عليه وسلم أفاض قبل الزوال وطاف وصلى الظهر بمكة في أول النهار، ثم رجع إلى منى وصلى بها الظهر مرة أخرى إمامًا بأصحابه، كما صلى بهم في بطن نخل مرتين، مرة بطائفة، ومرة بأخرى، فروى ابن عمر صلاته بمنى، وجابر صلاته بمكة، وهما صادقان، وذكر ابن المنذر نحوه، ويمكن الجمع بأن يقال: إنه صلى بمكة ثم رجع إلى منى فوجد أصحابه يصلون الظهر فدخل معهم متنفلًا لأمره صلى الله عليه وسلم بذلك لمن وجد جماعة يصلون وقد صلى. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني