الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما الحكم عند جهالة الأجرة في عقد الإجارة؟

السؤال

عملت مع نقاش ـ دهانات الحائط ـ 20 يومًا تقريبًا، ولكنني لم أتفق معه على عمولتي في كل يوم أعمله, وبعد 20 يومًا من الشغل أخذت بعض المال منه، وعرفت منه أن اليوم بـ 20 جنيهًا مصريًّا, فهل ذلك من الربح بنسبة غير معلومة؟ وهل المال الذي عملت به من الحرام أم لا؟ أريد الربح من موقع على الإنترنت وأخذ عمولة, فهل يجب أن تكون عمولتي معلومة؟ وماذا لو ربحت مالًا من مواقع، ونسبة ربحي غير معلومة؟ وهل يكون المال حرامًا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فعقود المعاوضات بصفة عامة لا بد فيها من معلومية محل العقد، فإذا جهلت جهالة توقع في الغرر، وتفضي إلى النزاع فسد العقد، جاء في الموسوعة الفقهية: يشترط في محل العقد أن يكون معينًا ومعروفًا للعاقدين، بحيث لا يكون فيه جهالة تؤدي إلى النزاع والغرر... وهذا الشرط متفق عليه عند الفقهاء في عقود المعاوضة في الجملة، فلا يجوز بيع شاة من القطيع مثلًا، ولا إجارة إحدى هاتين الدارين؛ وذلك لأن الجهالة في محل العقد: المعقود عليه تسبب الغرر، وتفضي إلى النزاع. اهـ.

وهذا ينطبق على عقد الإجارة، فلا بد فيه من معلومية الأجرة، ولو كان في الأجرة جهالة مفضية للنزاع فسد العقد، وهذا لا يعني أن ما استوفي من منفعة الأجير يضيع بلا مقابل، ولكن يجب له أجرة المثل عما قام به من عمل، بتقدير أهل الخبرة في مجاله، جاء في الموسوعة الفقهية: الأجرة هي ما يلتزم به المستأجر عوضًا عن المنفعة التي يتملكها... ويجب العلم بالأجر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من استأجر أجيرًا فليعلمه أجره... ولو كان في الأجر جهالة مفضية للنزاع، فسد العقد، فإن استوفيت المنفعة وجب أجر المثل، وهو ما يقدره أهل الخبرة. اهـ.

ثم إن العرف إن اطرد في تقدير الأجرة على عمل معين، رُجع إليه في ذلك؛ لأن المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا، والعادة محَكَّمة، طالما لم يتفق طرفا العقد على خلافها، قال السرخسي في المبسوط: إنما تعتبر العادة عند عدم التصريح بخلافها، فأما مع التصريح بخلاف العادة فلا، كتقديم المائدة بين يدي إنسان، يجعل إذنًا في التناول بطريق العرف، فإن قال: لا تأكل، لم يكن ذلك إذنًا. اهـ.

وعلى ذلك؛ فإن كان المبلغ الذي حصله السائل عن عمله في العشرين يومًا المذكورة هو أجرة المثل، أو ما جرى به العرف، فلا إشكال، وكذلك إن لم يكن كذلك، ولكن رضي به الطرفان ـ الأجير والمؤجر ـ فلا إشكال، فإن حصل النزاع والخلاف رجعنا إلى العرف إن كان مطردًا، وإلا فإلى تقدير أهل الخبرة لأجرة المثل.

ثم إننا نعتذر عن إجابة السؤال الثاني؛ لأن نظام العمل في موقعنا في حال ورود أسئلة متعددة في سؤال واحد: ألا نجيب إلا عن السؤال الأول، ونطلب من السائل أن يعيد بقية أسئلته كل واحد منها في سؤال مستقل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني