الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أبلغ من العمر 27 سنة، ولم أتزوج بعد؛ وذلك لأني أبغض الزواج، وأراه أمرًا متناقضًا، ومقيدًا لحريتي، فهل يعد ذلك ذنبًا؟ بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان المراد أنّك لا تريد الزواج، وتنفر منه نفور طبع، مع اطمئنان قلبك بالإيمان، والرضا بما شرعه الله، فليس في ذلك إثم -إن شاء الله- وراجع الفتوى رقم: 200097.

ولا يجب عليك الزواج إلا إذا خشيت الوقوع في الحرام، فيجب عليك الزواج حينئذ، وتأثم بتركه، قال البهوتي -رحمه الله- في شرح منتهى الإرادات: وَيَجِبُ النِّكَاحُ بِنَذْرٍ، وَعَلَى مَنْ يَخَافُ بِتَرْكِهِ زِنًا، وَقَدَرَ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ، وَلَوْ كَانَ خَوْفُهُ ذَلِكَ ظَنًّا, مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إعْفَافُ نَفْسِهِ، وَصَرْفُهَا عَنْ الْحَرَامِ, وَطَرِيقُهُ النِّكَاحِ.

وأمّا إذا كان المقصود بغض الزواج، والاعتراض عليه كتشريع من عند الله، وتفضيل غيره عليه، فهذا كفر -والعياذ بالله-، قال ابن حجر -رحمه الله-: وقوله: فليس مني، إن كانت الرغبة بضرب من التأويل، يعذر صاحبه فيه، فمعنى فليس مني: أي على طريقتي، ولا يلزم أن يخرج عن الملة، وإن كان إعراضًا وتنطعًا يفضي إلى اعتقاد أرجحية عمله، فمعنى فليس مني: ليس على ملتي؛ لأن اعتقاد ذلك، نوع من الكفر. فتح الباري لابن حجر.

وعلى أية حال؛ فلا ينبغي الإعراض عن الزواج؛ فإنّه نعمة عظيمة، وسنة من سنن المرسلين، وقد أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم الشباب، وحثهم عليه، وحذّر من الإعراض عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النكاح من سنتي، فمن لم يعمل بسنتي فليس مني، وتزوجوا؛ فإني مكاثر بكم الأمم، ومن كان ذا طول فلينكح، ومن لم يجد، فعليه بالصيام؛ فإن الصوم له وجاء. رواه ابن ماجه.

قال العيني -رحمه الله-: فإن النكاح سنة الأنبياء والمرسلين، وفيه تحصيل نصف الدين، وقد تواترت الأخبار، والآثار في توعد من رغب عنه، وتحريض من رغب فيه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني