الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في إخراج الزكاة لمن عليه دين ونقلها وتأخيرها

السؤال

وجبت زكاة مالي وتوجد على ديون مستحقة، وأسدد ديوني وزكاتي من راتبي، وعند دفع الدين لم يتوفر من المال ما يكفي لسداد الزكاة فبأيهما أبدأ بالدين أم الزكاة؟ ولو قضيت الدين وتوفر مبلغ ليكن نصف قيمة الزكاة، فهل أخرجه أم أنتظر حتى أكمل القيمة حيث سأرسلها إلى محتاجين ببلد آخر؟ وهل إذا دفعت الدين أحسب قيمة الزكاة على تلك الأموال المخرجة لسداد الدين، ولو سددت عشرين ألفاً من الديون عند إخراج الزكاة، فهل أخرج عن هذه الأموال أيضا، حيث دخلت في حوزتي أثناء وجوب الزكاة؟ وهل الأموال التي معي إذا أخرت الزكاة أدفع عنها أم أدفع الزكاة عن القيمة وقت وجوبها، بمعنى أنني إذا أخرت الزكاه شهرين حتى أقضي ديني أحسب قيمة الزكاة قبل شهرين أم أحسب ما معي وقت استطاعتي؟ وهل إذا كان ما أملكه عقارا أدفع من ثمنه أقساطا تعادل النصاب أو تزيد دون أن أتملكه حتى أسدد كامل أقساطه؟ وهل تجب عما دفعته من أقساط زكاة؟ وهل إخراجها على أخي المحتاج وأولاده جائز؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد تضمن سؤالك عدة أمور, وستكون الإجابة عنها في النقاط التالية:

1ـ الذي عليه جمهورأهل العلم أن الدين يسقط الزكاة في الأموال الباطنة كالذهب والفضة, والنقود, وعروض التجارة ونحوها, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 28723.

وعلى هذا؛ فإنك تبدأ بدفع ما عليك من ديون, فإن بقي بعدها نصاب وجبت عليك الزكاة, وإلا فلا, هذا إذا لم يكن لديك فائض عن حاجتك الأساسية من الأموال التي لا تجب فيها الزكاة مثل السيارات والمنازل ونحو ذلك مما يراد للقنية، وإلا فاجعل ذلك المال مقابل الدين وزك مالك كله, ففي الموسوعة الفقهية: القائلون بأن الدين يسقط الزكاة في قدره من المال الزكوي، اشترط أكثرهم أن لا يجد المزكي مالا يقضي منه الدين سوى ما وجبت فيه، فلو كان له مال آخر فائض عن حاجاته الأساسية، فإنه يجعله في مقابلة الدين لكي يسلم المال الزكوي فيخرج زكاته. انتهى.

3ـ إذا قضيت الدين, وبقي لك نصاب, فأخرج الزكاة, وإذا لم تكن لديك سيولة تكفي لإخراج المبلغ الواجب في الزكاة فأخرج ما توفر لديك, وما بقي يكون دينا في ذمتك حتى تجده, وراجع في ذلك الفتوى رقم: 133278، وهي بعنوان: حكم تأخير الزكاة لعدم وجود سيولة مالية.

4ـ بخصوص نقل الزكاة من بلد إلى محتاجين في بلد آخر, فراجع حكمه في الفتوى رقم: 12533.
5ـ المال المتبقي من راتبك إن لم يحل عليه حول, فلا تجب عليك زكاته, جاء في مختصر الخرقي: ولا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول. انتهى.

وقد ذكرنا حكم زكاة الراتب المستفاد أثناء الحول, وذلك في الفتوى رقم: 176957.

6ـ لا يجوز تأخير الزكاة عن وقتها لغير عذر, لأن الزكاة يجب إخراجها فورا, كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 178561.

لكن لو أخرتها شهرين لعدم وجود سيولة نقدية --مثلا- فالواجب عليك زكاة المال الموجود عندك وقت الوجوب, أما ما ملكته بعد شهرين من وجوب الزكاة, فلا تجب عليك زكاته، لعدم حلول الحول عليه.

7ـ يجوز شراء العقار ثم يكون رهنا عند مالكه حتى يستوفي ثمنه أقساطا, كما ذكرنا في الفتوى رقم: 153057.

وهذه الأقساط لا زكاة عليك فيها, ولو زادت على النصاب، لأنك لم تتملكها، بل هي دين عليك لمالك العقار.

8ـ يجوز لك دفع زكاتك لأخيك المحتاج وأولاده, بل دفع الزكاة لهم أفضل من غيرهم, لأنها صدقة وصلة، وراجع الفتويين رقم: 57770، ورقم: 112412.

وقد بينِّا ضابط الفقير المستحق للأخذ من الزكاة في الفتوى رقم: 128146.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني