الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام من قال أو فعل ما هو من الكفر أو يوهم الكفر

السؤال

ما حكم الشرع في شخص بدرت منه هذه الأشياء؟ وهل يكفر بها؟
أولا: هو لا يصلي وذات يوم مر بجانبه أخوه وكان قاصدا المسجد لأداء صلاة الجمعة، فقال له مازحا: دع عنك الصلاة ولا تذهب إلى المسجد.
ثانيا: هذه الحادثة تزامنت مع كثرة العمليات الإرهابية في بلادنا تونس من قبل التكفيريين، وذات يوم دخل إلى دكانه شخص صاحب لحية، فقال له بنبرة مزاح: تبا لك ولإسلامك ـ فأنكرت عليه، فقال لي: أقصد إسلامه هو البعيد عن الإسلام الحقيقي.
ثالثا: هو يسخر من زي المنتقبة ويقول: هي تلبس خيمة، وينكر على من يقول: الغناء حرام. وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن المسلم المعين إذا قال أو فعل ما هو من الكفر لا يلزم الحكم عليه بعينه بالكفر، إذ الحكم على المعين بالكفر موقوف على اجتماع الشروط وانتفاء الموانع، ومرد الحكم على الأعيان إلى القضاء الشرعي، الذي من شأنه التحقق من اجتماع الشروط وانتفاء الموانع، ومن ثبت إسلامه بيقين، فلا يخرج منه إلا بيقين، وراجع تفصيل هذه الجمل في الفتويين رقم: 102922، ورقم: 313477. هذا من جهة الحكم على الشخص المعين.

وأما حكم الأفعال والأقوال تلك مجردة: فإن كفر تارك الصلاة محل خلاف بين العلماء، كما بيناه في الفتوى رقم: 130853.

وأما سؤاله: وذات يوم مر بجانبه أخوه وكان قاصدا المسجد لأداء صلاة الجمعة فقال له مازحا: دع عنك الصلاة ولا تذهب إلى المسجد ـ فإن هذه العبارة محتملة، وإن قصد بها النهي عن الصلاة مطلقا، فهي عبارة كفرية، فقد ذكر الهيتمي في كتابه الإعلام بقواطع الإسلام عن بعض الحنفية قوله: أو قال: دع الصلاة والزكاة والصوم والقراءة وأعمال البر، الشأن في عمل الأسرار... كفر في جميع هذه المسائل ـ ثم علق عليه الهيتمي بقوله: وكذا القائل: دع الصلاة.. إلى آخر ما مرّ فيه، لا يشترط في تكفيره بذلك جمعه بين تلك الأمور، بل يكفي: دع الصلاة مثلا، الشأن في عمل السر. اهـ.

وأما قوله: شخص صاحب لحية، فقال له بنبرة مزاح: تبا لك ولإسلامك ـ فأنكرت عليه، فقال لي: أقصد إسلامه هو البعيد عن الإسلام الحقيقي ـ فقد أطلق جمع من العلماء تكفير من شتم دين المسلم، بينما فصّل آخرون فقالوا: إن الساب إن قصد بسب دين المسلم أخلاقه الرديئة ونحو ذلك، لا حقيقة دين الإسلام نفسه، فإنه لا يكفر، كما سبق في الفتوى رقم: 319498.

وأما ما يتعلق بقولك: هو يسخر من زي المنتقبة ويقول: هي تلبس خيمة ـ فقد سئلت اللجنة الدائمة: ما هو حكم من يستهزئ بمن ترتدي الحجاب الشرعي، ويصفها : بأنها عفريتة أو أنها خيمة متحركة، وغير ذلك من ألفاظ الاستهزاء ؟ فأجابت: من يستهزئ بالمسلمة أو المسلم من أجل تمسكه بالشريعة الإسلامية فهو كافر، سواء كان ذلك في احتجاب المسلمة احتجابا شرعيا أم في غيره، لما رواه عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رجل في غزوة تبوك في مجلس : ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا، ولا أكذب ألسنا، ولا أجبن عند اللقاء، فقال رجل : كذبت ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن، فقال عبد الله بن عمر : وأنا رأيته متعلقا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحجارة وهو يقول : يا رسول الله؛ إنما كنا نخوض ونلعب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سورة التوبة الآية 65: أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ـ سورة التوبة الآية: 66 لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ـ فجعل استهزاءه بالمؤمنين استهزاء بالله وآياته ورسوله . اهـ.

وأما قولك: وينكر على من يقول: الغناء حرام ـ فهذا ليس بكفر، كما سبق في الفتوى رقم: 271699.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني