الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تأجيل الإنجاب لحين الحصول على وظيفة

السؤال

أنا شاب أرغب في الزواج بشدة، بل وأخشى على نفسي خشية حقيقية من القوع في الفاحشة، وقد كنت على وشك ارتكابها، ولولا لطف ربي ورحمته ما نجوت منها، إضافة إلى أنني مصاب بمرض نفسي أرهقني وبلغ مني مبلغا عظيما، وتسبب في تأخري في الدراسة كثيرا، فزملائي الآن قد تخرجوا منذ مدة ويعملون، وأنا مازلت لم أنه الجامعة، وقد قرأت في قسم الاستشارات النفسية في موقعكم أن الزواج يساعد في مثل هذه الأمراض، وأنا الآن لا أستطيع القيام بتكاليف الزواج، لكن وضع والدي المادي جيد، وهو يستطيع أن يساعدني مبدئيا في الزواج، لكنني فهمت منه لما عرضت عليه فكرة الزواج أنه يخشى من أن يولد لي أولاد، فيضطر للإنفاق علي وعليهم، وهو ما لا يستطيعه خصوصا، وأن المجال الذي أدرس فيه لا يغلب على الظن أنه من المجالات التي يرجى من ورائها عائد مادي كبير، فضلا عن أن الظروف الاقتصادية في بلدي في غاية السوء، وهجرة الشباب منها لم يسبق أن وصلت إلى هذا الحد من قبل، وهؤلاء كثير منهم أطباء ومهندسون، فكيف بمن دونهم؟!! وهي عموما من أفقر بلاد العالم، والناس فيها منذ بضعة أعوام لا حديث لهم إلا حديث الغلاء الذي لا يتوقف عند حد، لذلك كله فكرت في أن أقنع والدي بمساعدتي على أن أتعهد له بعدم الإنجاب مؤقتا حتى أنتهي من دراستي، وأجد عملا ولو متواضعا، على أن يكون هذا مجرد تأجيل للإنجاب فقط ـ إن شاء الله ـ وذلك كما ذكرت لشدة حاجتي للزواج، وصعوبة الظروف التي أعيشها، كما أنني لا أريد إرهاق والدي أكثر مما فعلت، وأخشى كذلك أن أكون مضيعا لمن أعول، فهل يجوز لي أن أتعهد له بذلك؟ وهل يجوز لي تأجيل الإنجاب حتى أنتهي من الدراسة، وأجد عملا ولو متواضعا؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالظاهر ـ والله أعلم ـ أنّ تأجيل الإنجاب حتى انتهاء الدراسة وتحصيل وظيفة، جائز غير محرّم، لكنّه خلاف الأولى، فقد قال أبو حامد الغزالي ـ رحمه الله ـ عند ذكره للنيات الباعثة على العزل:........ الثالثة: الخوف من كثرة الحرج بسبب كثرة الأولاد، والاحتراز من الحاجة إلى التعب في الكسب، ودخول مداخل السوء، وهذا أيضا غير منهي عنه، فإن قلة الحرج معين على الدين، نعم الكمال والفضل في التوكل والثقة بضمان الله، حيث قال: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ـ ولا جرم فيه سقوط عن ذروة الكمال وترك الأفضل، ولكن النظر إلى العواقب وحفظ المال وادخاره مع كونه مناقضا للتوكل لا نقول إنه منهي عنه.

فالذي ننصحك به أن تبادر بالزواج، ولا تؤجل الإنجاب ثقة بالله وتوكلاً عليه، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 2ـ3}.

علما بأن الإنجاب كما هو حق للزوج، فإنه أيضا حق للزوجة، فلا يجوز العزل عنها إلا بإذنها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني