الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قضاء الأذكار المتعلقة بالأوقات وبالأسباب

السؤال

هناك أذكار معينة تقال بعد كل شيء، فهل إذا نسيتها ثم ذكرتها آتي بها، فمثلا بعد ما ركبت في السيارة، وبعد خمسة دقائق تذكرت أنني لم أقرأ أذكار الركوب، فهل آتي بها؟ أو خرجت من المنزل ولم أقرأ أذكار الخروج، فهل آتي بها عندما أتذكرها؟ وكذلك جميع الأذكار كالخروج من الحمام والاستيقاظ من النوم...؟ وماذا إذا تعارض ذكران مع بعض كالخروج من المنزل وركوب السيارة مباشرة...؟ وهناك أذكار لا يصلح أن أقرأها إذا نسيتها ثم تذكرتها كأذكار الدخول إلى المنزل أو الحمام أو الخروج من المسجد حيث تخرج برجلك اليسرى وقد نسيت، فكيف تأتي به وقد خرجت من المسجد؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه يشرع قضاء الذكر المتعلق بالأوقات إذا فات وقته، وأما الأذكار المتعلقة بالأسباب كالدخول والخروج من البيت والحمام والركوب: فلا تقضى بعد الانتهاء من سببها، قال النووي في الأذكار: فصل في حكم قضاء الذكر: ينبغي لمن كان له وظيفة من الذكر في وقت من ليل أو نهار، أو عَقِيب صلاة أو حالة من الأحوال ـ ففاتته: أن يتداركها, ويأتي بها إذا تمكن منها, ولا يهملها، فإنه إذا اعتاد الملازمة عليها لم يعرضها للتفويت، وإذا تساهل في قضائها سهل عليه تضييعها في وقتها، وقد ثبت في صحيح مسلم, عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نام عن حزبه أو عن شيء منه، فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كُتب له كأنما قرأه من الليل. اهـ.

قال ابن علان معلقا على كلام النووي: المراد بالأحوال: الأحوال المتعلقة بالأوقات، لا المتعلقة بالأسباب كالذكر عند رؤية الهلال وسماع الرعد ونحو ذلك، فلا يندب تداركه عند فوات سببه، ومن ترك الأوراد بعد اعتيادها يكره له ذلك. اهـ.

وقال الشوكاني: وقد كان الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ يقضون ما فاتهم من أذكارهم التي يفعلونها في أوقات مخصوصة... انتهى.

وأما من تذكر في أثناء السبب فيقضي الذكر في الطعام إن نسيه أولا، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى في أوله، فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله، فليقل: بسم الله أوله وآخره. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

وإذا نسي الآكل فلم يتذكر البسملة إلا بعد الانتهاء من الأكل، فلا يعيد التسمية، وذكر المناوي في فيض القدير: قولا لبعض أهل العلم أنه يسمي بعد الانتهاء من الأكل، وضعف ذلك القول، وذكر ابن علان مثل ذلك فقال: وظاهر الخبر يتناول ما بعد الفراغ، وأخذ بعديته جمع من أصحابنا..... انتهى.

ثم ذكر بعد ذلك ترجيح خلاف هذا، وأنه لا تستحب التسمية بعد الانتهاء من الطعام، ويشرع الذكر الوارد قبل قضاء الحاجة إن تذكره العبد قبل حصول الحدث إن كان المكان لم يعد لقضاء الحاجة، وأما إن كان معدا لقضاء الحاجة فيشرع الخروج من المحل حتى يأتي بالذكر، ولا يشرع الذكر في الكنيف ولا يطلب قضاء الذكر بعد الانتهاء من قضاء الحاجة قال الدردير في الشرح الكبير: وندب ذكر ورد في السنة بعده ـ أي بعد الفراغ من قضاء الحاجة والاستنجاء والخروج من المحل ـ وهو: اللهم غفرانك، الحمد لله الذي سوغنيه طيبا وأخرجه عني خبيثا، أو الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني ـ وذكر ورد قبله، وهو: باسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ـ وفي رواية زيادة الرجس النجس الشيطان الرجيم، والخبث بضم الباء، وروي سكونها جمع خبيث ذكور الشياطين والخبائث جمع خبيثة إناثهم، فإن فات الذكر القبلي بأن نسي حتى دخل ففيه أي فإنه يذكره ندبا في المحل نفسه إن لم يعد لقضاء الحاجة بأن كان في الفضاء ما لم يجلس لقضائها، وقيل ما لم يخرج من الحدث، وإلا فلا ذكر، ومفهومه أنه لو أعد كالمرحاض لم يندب فيه وهو صادق بالجواز وليس بمراد، بل المراد المنع أي الكراهة تعظيما لذكر الله، وهذا إذا دخل بجميع بدنه وكذا برجل واحدة وإن لم يعتمد عليها فيما ظهر لهم. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني