الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من آداب التلاوة والاستماع

السؤال

من عادتي في المنزل إذا كان هناك قرآن يتلى على التلفزيون، أو الراديو، وكنا سننشغل عنه بالحديث، أو أي شيء، أقوم بخفض الصوت، أو كتمه، تعظيماً للقرآن من جانب، ولقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، وأن هذا كلام الله يتلى وليس شخصاً عادياً يتحدث، لا مانع أن ننشغل عنه، فإن كان لا بد من الحديث، فلنوقف التلاوة حتى ننتهي، وإما العكس.
وفي إحدى المرات كنت أناقش والدي في هذه المسألة، فقال لي إن الآية السابقة نزلت في الصلاة؛ لأن المسلمين كانوا يرددون خلف النبي صلى الله عليه وسلم تلاوته، فنقلت له قول القرطبي في تفسير الآية: "والصحيح القول بالعموم؛ لقوله : لعلكم ترحمون، والتخصيص يحتاج إلى دليل."، فسبب نزول الآية لا يعني حصر الحكم فيها، وقلت - وهو استنتاج مني، ولا أعرف إذا كان صحيحا أم لا - أنه إذا كنا في الصلاة الجهرية نتوقف عن قراءة الفاتحة، وهي ركن أساسي في الصلاة، إذا بدأ الإمام في التلاوة من أجل أن نستمع للقرآن، ونتدبره، فمن باب أولى أن يكون الاستماع واجبا خارج الصلاة.
وفي وسط النقاش، قلت: يا أبي حرام "والله حرام".
فغضب بشدة؛ لأنني حلفت بالله على حرمة ذلك، وقال لي من أنت لتحلل وتحرم شيئا ليس فيه نص قطعي، وتحلف بالله على حكمه، وأنت على علم بالخلاف في المسألة، وليس لديك علم بأي شكل كي تجزم بحكمها.
وأنا لا يمكنني أن أدعي أنني كنت منفعلاً عندما حلفت، أو أنها زلة لسان.
فما حكم حلفي هذا، وما الذي يجب علي فعله؟
وما هي ضوابط الاستماع للقرآن؟
وهل صحيح ما يفهمه بعض الناس من الأحاديث التي تحث على عدم هجر قراءة القرآن في البيت، كقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْبَيْتُ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ يَكْثُرُ خَيْرُهُ..." الحديث، أنه يكفيه تشغيل التلاوة على التلفاز أو الراديو، أم يجب على أهل المكان قراءة القرآن بأنفسهم؟ لأنني أعرف بعض الأشخاص عند إغلاق محلاتهم التجارية، أو عند النوم يترك مثلاً إذاعة القرآن الكريم تعمل، وهو قد لا يقرب المصحف بنفسه.
فما حكم ذلك؟
وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فشكر الله لك تعظيمك لكتاب الله تعالى، ولكننا نرى أنه لم يكن ينبغي لك مجادلة أبيك حتى تغضبه، ولم يكن ينبغي لك الحلف على ما ذكرت، والمسألة محل نزاع، وقد قررنا أن تلاوة القرآن حيث يتغافل عن سماعه مما يكره، وانظر الفتوى رقم: 146263.

فأطلع أباك على هذه الفتوى، وبين له أن تشغيل القرآن حيث لا يستمع إليه مما لا ينبغي، وأما إن كان ثم من يستمع للتلاوة، فلا يضر تشاغل بعض الناس عنها، واستغفر الله من حلفك هذا، إذا كنت حلفت غير متحقق من التحريم، أما إذا كنت تعتقد التحريم بناء على فتوى عالم تثق به، فنرجو ألا يكون عليك إثم.

وأما آداب استماع القرآن: فينبغي لمستمع القرآن أن يحضر قلبه، وينصت عند تلاوة القرآن، ويتفكر في الآيات المتلوة، ويحرص على تفهم معانيها، إلى غير ذلك من الآداب التي نبه عليها أهل العلم.

وأما تشغيل القرآن عند النوم، فقد تكلمنا عن حكمه في الفتوى رقم: 320683، ومثله تشغيل القرآن في المحلات ونحوها، بيد أن الفضل الكامل إنما يتحقق بتلاوة الشخص نفسه كتاب الله تعالى، وإن كان في تشغيله في شريط ونحوه خير وبركة، فالأفضل والأكمل للثواب هو أن يتلو الشخص نفسه كتاب الله تعالى، ولكل درجات مما عملوا، فلسماع القرآن فضل، ولتلاوته فضل، والله لا يضيع أجر المحسنين، ومن اقتصر على السماع؛ لانشغاله، أو عجزه عن التلاوة، رجي ألا يكون هاجرا للقرآن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني