الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توجيه قول أحمد بن حنبل: الحديث الضعيف أحب إليّ من الرأي

السؤال

هل يعطينا الشيوخ الأفاضل فكرة عن قول أحمد بن حنبل: الحديث الضعيف أحب إليّ من الرأي.
خاصة أن مصطلح ضعيف عند الأوائل، ليس كما هو عند المتأخرين، فقد يدخل في الضعيف عند الأوائل، الحسن، وما يشابهه.
وقد تكلّم العلماء في العمل بالحديث الضعيف على أوجه شتى. فماذا ترجِّحون؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالذي نراه ونرجحه هو قول عامة أهل العلم، وهو أن الحديث الضعيف لا يؤخذ به في الأحكام، وأنه إنما يستدل به على فضائل الأعمال، ويذكر في باب الترغيب ونحوه، وراجع في ذلك، الفتوى رقم: 19826، والفتوى رقم: 41058.

وأما قول الإمام أحمد: إن الحديث الضعيف أحب إليه من الرأي، فمراده به الحديث الحسن، كما حمله عليه المحققون من العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

قال السمعوني في غضون بحثه عن الحديث الضعيف: وَقد نقل فِي حكم الحَدِيث الضَّعِيف قَول ثَالِث، وَهُوَ أَنه يُؤْخَذ بِهِ فِي الْأَحْكَام أَيْضا إِذا لم يُوجد فِي الْبَاب غَيره، وَقد نسب ذَلِك إِلَى أَحْمد بن حَنْبَل، واشتهر عَنهُ غَايَة الاشتهار، وَقد كَانَ أنَاس من الْمُتَكَلِّمين يتعجبون من هَذَا القَوْل غَايَة التَّعَجُّب، بِنَاء على أَن أَحْكَام الدّين يَنْبَغِي أَن تكون مَبْنِيَّة على أساس متين، وَكَانَ أنَاس من غَيرهم يعْجبُونَ بِهَذَا القَوْل، ويعدونه أَمارَة على فرط الِاتِّبَاع والتباعد عَن الابتداع، وَكَانَ بَينهمَا فريق آخر الْتزم فِي ذَلِك الصمت متمثلا بقول من قَالَ:

(فبعضنا قَائِل مَا قَالَه حسن ... وبعضنا سَاكِت لم يُؤْت من حصر)

وَقد حاول الْعَلامَة ابْن تَيْمِية إِزَالَة الْإِشْكَال من أَصله، فَقَالَ فِي كتاب منهاج السّنة النَّبَوِيَّة: إِن قَوْلنَا إِن الحَدِيث الضَّعِيف خير من الرَّأْي، لَيْسَ المُرَاد بِهِ الضَّعِيف الْمَتْرُوك، لَكِن المُرَاد بِهِ الْحسن كَحَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده، وَحَدِيث إِبْرَاهِيم الهجري مِمَّن يحسن التِّرْمِذِيّ حَدِيثه، أَو يُصَحِّحهُ، وَكَانَ الحَدِيث فِي اصْطِلَاح من قبل التِّرْمِذِيّ إِمَّا: صَحِيح، وَإِمَّا ضَعِيف. والضعيف نَوْعَانِ: ضَعِيف مَتْرُوك، وَضَعِيف لَيْسَ بمتروك، فَتكلم أَئِمَّة الحَدِيث بذلك الِاصْطِلَاح، فجَاء من لَا يعرف اصْطِلَاح التِّرْمِذِيّ، فَسمع قَول بعض أَئِمَّة الحَدِيث: الضَّعِيف أحب إِلَيّ من الْقيَاس، فَظن أنه يحْتَج بِالْحَدِيثِ الَّذِي يُضعفهُ مثل التِّرْمِذِيّ، وَأخذ يرجح طَريقَة من يرى أَنه أتبع للْحَدِيث الصَّحِيح، وَهُوَ فِي ذَلِك من المتناقضين، الَّذين يرجحون الشَّيْء على مَا هُوَ أولى بالرجحان مِنْهُ. انتهى.

وبه يتبين معنى قول الإمام، ويزول الإشكال بحمد الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني