الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى قول الإمام الطبري في تفسير: "وقل اعملوا..." وما منه لله معصية

السؤال

قال الطبري في تفسير: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (سورة التوبة: الآية 105) وما منه طاعةً، وما منه لله معصية، ماذا يقصد هنا؟ أليس الأصح قول: وما منه طاعةً، وما منه معصية؟
جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن ما قاله الطبري صحيح، والقصد منه واضح، ولا يظهر لنا وجه الإشكال فيه، وقد ورد مثله في كثير من أقوال السلف -رحمهم الله تعالى- ولم نجد أحدًا أنكر عليهم ذلك، أو ادعى عدم صحته، فقد جاء في موطأ الإمام مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا قائمًا في الشمس فقال: «ما بال هذا؟» فقالوا: نذر أن لا يتكلم، ولا يستظل من الشمس، ولا يجلس، ويصوم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مروه فليتكلم، وليستظل، وليجلس، وليتم صيامه»

قال مالك: ولم أسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بكفارة. وقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتم ما كان لله طاعة، ويترك ما كان لله معصية. اهـ.

وفي تفسير ابن كثير عند تفسير قوله تعالى: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم:6}. قال قتادة: يأمرهم بطاعة الله، وينهاهم عن معصية الله، وأن يقوم عليهم بأمر الله، ويأمرهم به، ويساعدهم عليه، فإذا رأيت لله معصية، قذعتهم عنها، وزجرتهم عنها. اهـ.

وقال الإمام الشافعي: فأعلم أن طاعة اللَّه -عز وجل- أن لا يفي باليمين إذا رأى غيرها خيرًا منها، وأن يكفر بما فرض اللَّه -عز وجل- من الكفارة، وكل هذا يدل على أنَّه إنما يوفى بكل عقد نذر، وعهد لمسلم، أو مشرك، كان مباحًا لا معصية لله -عز وجل- فيه، فأما ما فيه لله معصية، فطاعة اللَّه تبارك وتعالى في نقضه إذا مضى، ولا ينبغي للإمام أن يعقده. اهـ.

وفي تفسير ابن المنذر: عن الضحاك، وأما قوله: أن تتقوا منهم تقاة، فهو: أن يحمل الرجل على أمر يتكلم به هو لله معصية، فتكلم به مخافة الناس، وقلبه مطمئن بالإيمان، فلا إثم عليه. اهـ.

وفي تفسير ابن عطية: يمين المكره كما قلنا، فهي غير لازمة، قال ابن الماجشون: وسواء حلف فيما هو لله طاعة، أو فيما هو لله معصية، أو فيما ليس في فعله طاعة، ولا معصية، فاليمين فيه ساقطة. اهـ.

وفي تفسير القرطبي: وقال مطرف: إن أكره على اليمين فيما هو لله معصية، أو ليس في فعله طاعة ولا معصية، فاليمين فيه ساقطة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني