الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أدلة وجوب القضاء على من أفطر في رمضان عامدا

السؤال

ما دليل جواز القضاء لمن أفطر في رمضان عامدا. هل هو فقط القياس على من استقاء عامدًا، أم فيه دليل آخر، أو إجماع؟
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن القضاء واجب على من أفطر في نهار رمضان متعمدا، عند جمهور أهل العلم، وعليه مع ذلك الكفارة، إذا كان الفطر بجماع، وإذا كان بأكل، أو شرب، أو استدعاء قيء... فعليه القضاء فقط، عند الجمهور، ومن الأدلة على ذلك، قوله صلى الله عليه وسلم مَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ، وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَإِنْ اسْتَقَاءَ، فَلْيَقْضِ. رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.
فإذا كان تعمد الصائم إخراج القيء من بدنه، يوجب عليه القضاء؛ فمن باب أحرى أن يوجبه عليه تعمد إدخال شيء إليه.

ومنها قوله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ {البقرة:185،184}.

قال العلماء: ألزم الله عز وجل القضاء على من أفطر لعذر كالمريض، والمسافر، فمن باب أولى، أن يلزم القضاء من أفطر متعمداً.

ومن الأدلة أيضا أن عهدة التكليف الوارد في نصوص الوحي بالأمر بإتمام الصيام، لم تسقط عنه؛ لأنه لم يمتثل الأمر.

قال ابن نجيم الحنفي في النهر الفائق: القضاء يجب بما يجب به الأداء. اهـ.

والأداء واجب بنصوص الوحي المعروفة.

وقال الميابي الشنقيطي، في كوثر المعاني، شرح صحيح البخاري: وقد يقال: وجوب القضاء على العامد بالخطاب الأول؛ لأنه قد خوطب به، وترتب في ذمته، فصار دينًا عليه، والدَّين لا يسقط إلا بأدائه،.. فمن أفطر في رمضان عامدًا، فإنه يجب عليه أن يقضيه، مع بقاء إثم الإفطار عليه. اهـ منه بتصرف يسير، ومثله في فتح الباري.

وقد حكى ابن عبد البر في الاستذكار الإجماع على وجوب القضاء؛ فقال: وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ، وَنَقَلَتِ الْكَافَّةُ فِيمَنْ لَمْ يَصُمْ رَمَضَانَ عَامِدًا، وَهُوَ مُؤْمِنٌ بِفَرْضِهِ، وَإِنَّمَا تَرَكَهُ أَشَرًا وَبَطَرًا، تَعَمَّدَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَابَ عَنْهُ، أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَه. اهـ.

والحاصل أن أدلة وجوب القضاء على من تعمد الفطر في رمضان منها: أن القضاء يجب بما يجب به الأداء، ومنها الحديث المشار إليه، ومنها القياس، ومنها أنه قول جماهير أهل العلم، ومنها الإجماع الذي حكاه بعض أهل العلم -ابن عبد البر كما تقدم -.

وللمزيد من الفائدة، وأقوال أهل العلم، وأدلتهم؛ انظر الفتوى رقم: 263344.

وسبق أن بينا ما يجب على من أفطر يوماً في رمضان عمدا في عدة فتاوى، انظر مثلا الفتوى رقم: 27591، والفتوى رقم: 11780.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني