الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدعاء بقدر المظلمة

السؤال

عندي زميلة نذلة، واتكالية، دائما تغيب عند ما يكون عندنا ضغط في العمل، وتحملنا عملها بالإضافة إلى عملنا، وتتعذر بأعذار تقبلها المديرة بدون أن تطلب منها إثباتات، مثلا تقول عندي موعد، أو ولدي مريض، وأحيانا أشعر أنها كذابة، والمديرة تقبل عذرها فورا، وتجبرني على أن أعمل عملها، بالإضافة إلى عملي، بحجة أن من يمسك عملها غيرك، وعملها بجانب عملك، ولي زميلة أخرى تقول: نعم، أنت تمسكين عملها؛ لأن عملها بجانب عملك، وهذه المديرة كتبت خطابا للمديرة الأعلى منها أن إحدى زميلاتي رفضت العمل، فتم نقلها نقلا تأديبيا، وأنا أخاف أن تنقلي مديرتي نقلا تأديبيا إذا رفصت عمل زميلتي النذلة.
أريد منكم صيغة دعاء لكي أدعو على مديرتي، وعلى زميلتي الاتكالية؛ لأني فعلا تعبت، وأبكي من الضغط النفسي والجسدي، أخاف إذا أنا دعوت عليهن أن يكون دعائي فيه اعتداء، فيغضب مني الله.
وهل يجوز أن أدعو على زميلتي بالشلل؛ حتى تحس بطعم الحركة التي حرمتنا منها؛ لأنها لا تنجز عملها، وتتعبني معها. حتى تندم، وتقول: يا ليتني عملت عملي، ولم أعذب الناس معي، وتتذكر أنها كانت في نعمة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأصل صدق زميلتك فيما تدعيه من الأعذار، فإن كانت لديك بينة على كونها كاذبة، فانهيها عن ذلك، وبيني لها خطر الكذب، والتقصير في المسؤولية.

فإن كفت، فذلك المطلوب، وإلا فمن حقك أن تبيني للمسؤولين ذلك؛ ليرفعوا عنك الضرر.

وأما الدعاء عليها لمجرد توهمك أنها تكذب، فلا يجوز، بل لو فرض كونك متحققة مما ذكرت، فإنما يجوز لك الدعاء عليها بقدر ظلمها لك، ولا يجوز لك الدعاء عليها بالشلل ونحوه، وإنما يجوز لك أن تقولي مثلا: اللهم خذ لي حقي من فلانة، ونحو هذا الكلام، وكذا يقال في حق مديرتك، فإن الأصل عدم ظلمها لك؛ لكونها تعمل بخبر من تثق به، فقد تكون غير عامدة لمحاباة تلك الزميلة، وإنما يغلب على ظنها صدقها، ومن ثم تكل عملها لكم، وعلى تقدير كونها تعمدت محاباتها، فلا يجوز لك الدعاء عليها إلا بقدر ظلمها لك كما مرَّ، على أن الذي ينبغي لك هو أن تصبري، وتَدَعي الدعاء عليهما، وانظري الفتوى رقم: 122940، وبخاصة، والظاهر أنك لا تتحققين من كونك مظلومة، ونخشى أن يكون ما ذكرته مجرد أوهام، وأن تكون المرأة صادقة فيما تخبر به من الأعذار، ثم إن الأولى من الدعاء عليهما على تقدير صحة ما ذكرت، أن تناصحيهما، وتبيني لهما خطأهما، وأن على زميلتك أن تقوم بعملها على وجهه؛ لئلا تعرض نفسها لأكل الحرام، وتبيني لها خطورة أكل الحرام، وأنه يعرض لسخط الله تعالى، وأن إهمالها في عملها خيانة للأمانة التي وكلت بها، وليس هذا من خِلال المؤمنين، وتبيني لمديرتك بأسلوب حسن، خطورة محاباة بعض الناس على حساب بعض، وأن هذا من الظلم الذي هو ظلمات يوم القيامة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني