الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رتبة حديث: (من صاحب الجمل) وحديث (لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر)

السؤال

ما صحة هذه الأحاديث: حدثنا أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا مهدي بن ميمون، عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد، عن عبد الله بن جعفر قال: أردفني رسول الله - صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه فأسر إلي حديثا لا أخبر به أحدا أبدا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليه ما استتر به في حاجته هدف، أو حائش نخل، فدخل يوما حائطا من حيطان الأنصار فإذا جمل قد أتاه فجرجر وذرفت عيناه، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم سراته وذفراه فسكن، فقال: من صاحب الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله، فقال: أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملككها الله، إنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه.
حدثنا حسين حدثنا خلف بن خليفة عن حفص عن عمه أنس بن مالك، قال كان أهل بيت من الأنصار لهم جمل يسنون عليه وإن الجمل استصعب عليهم فمنعهم ظهره، وإن الأنصار جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا إنه كان لنا جمل نسني عليه وإنه استصعب علينا ومنعنا ظهره وقد عطش الزرع والنخل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه قوموا فقاموا فدخل الحائط والجمل في ناحية فمشى النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، فقالت الأنصار يا نبي الله إنه قد صار مثل الكلب الكلب، وإنا نخاف عليك صولته، فقال ليس علي منه بأس، فلما نظر الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل نحوه حتى خر ساجدا بين يديه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بناصيته أذل ما كانت قط حتى أدخله في العمل، فقال له أصحابه يا رسول الله: ص: 159ـ هذه بهيمة لا تعقل تسجد لك ونحن نعقل فنحن أحق أن نسجد لك، فقال لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها، والذي نفسي بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه.
جزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما الحديث الأول وهو حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لَا أُخْبِرُ بِهِ أَحَدًا ـ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ فِي حَاجَتِهِ هَدَفٌ، أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ ـ فَدَخَلَ يَوْمًا حَائِطًا مِنْ حِيطَانِ الْأَنْصَارِ، فَإِذَا جَمَلٌ قَدِ أتَاهُ فَجَرْجَرَ، وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، قَالَ بَهْزٌ، وَعَفَّانُ: فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَمَسَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرَاتَهُ وَذِفْرَاهُ، فَسَكَنَ، فَقَالَ: مَنْ صَاحِبُ الْجَمَلِ؟ فَجَاءَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: هُوَ لِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: أَمَا تَتَّقِي اللهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَهَا اللهُ، إِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ. فقد رواه أحمد في المسند، وقال محققه الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم ـ وأخرجه بتمامه البيهقي في الدلائل، وهو عند مسلم وغيره مختصرا.

وأما الحديث الثاني فرواه أحمد في مسنده، وقال محققه الأرنؤوط: صحيح لغيره دون قوله: والذي نفسي بيده لو كان من قدمه... إلخ، وهذا الحرف تفرد به حسين المرُّوذي عن خلف بن خليفة، وخلف كان قد اختلط قبل موته، وأخرجه الضياء في المختارة ـ 1895 ـ من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد، وأخرجه البزار ـ 2454 ـ وأبو نعيم في الدلائل ـ 287 ـ من طريق محمد بن معاوية بن مالج البغدادي، عن خلف بن خليفة، به دون قوله: لو كان من قدمه... ومحمد بن معاوية قال النسائي ومسلمة بن القاسم: لا بأس به ـ وقال أبو بكر البزار: ثقة. انتهى.

والحديث ذكره الإمام ابن كثير بتمامه في البداية والنهاية، ثم قال بعده: وهذا إسناد جيد، وقد روى النسائي بعضه من حديث خلف بن خليفة به. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني