الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تجب طاعة الوالدين في التنازل عن حق الحضانة؟

السؤال

أتقدم لكم بالشكر الجزيل على موقعكم الرائع. تزوجت من رجل لا يعرف سوى القسوة والظلم، وأنجبت منه طفلين: أحدهما دون الثالثة من العمر، والآخر دون السنتين، وصبرت كثيرًا عليه، وتحملت الكثير، وضحيت بالكثير لأجل أطفالي، لكن كان من المستحيل أن تستمر حياتي الزوجية؛ لأن بقائي مع زوجي صار خطرًا على حياتي؛ فطلبت الطلاق في المحكمة، ولا زلت معلقة منذ ثمانية أشهر، ومشكلتي الآن تتعلق بأطفالي، ففي الشهور الأولى سارت الأمور على ما يرام، وبقي الطفلان برفقتي، وكنت أسمح لأبيهم بزيارتهما متى أراد، ولكن الأمور تطورت لاحقًا، وساءت العلاقة بين أهلي وبين والد الأطفال؛ بسبب تطاوله على أبي وأمي، وبسبب سوء أخلاقه معهما، فصار أهلي يضغطون علي كي أسلم الأطفال لأبيهم، وأتنازل له عن حضانتهم، وحاولت أن أثنيهم عن قرارهم، ولكن دون جدوى، وفجأة وجدت نفسي مخيرة بين خسارة أهلي أو خسارة أطفالي، ولعلمي بأن بر الوالدين مقدّم على كل شيء ضحيت بأطفالي، واحتسبت ذلك عند الله، وذهبت إلى لمحكمة وتنازلت عن حضانة الأطفال، واشترطت زيارتهم لي يومين أسبوعيًّا، ولكن الفاجعة أن والد الأطفال أراد الانتقام مني؛ لكوني طلبت الطلاق، فأرسل أطفالي وحدهم إلى الدولة التي يسكن بها أهله، ولم أرهم، ولا أعرف عنهم شيئًا منذ شهرين ونصف.
ورغم أنني واثقة أن القضاء سيجبر هذا الأب الظالم على إعطائي حقي بزيارة الأطفال، إلا أنني في حال لا يعلم بها إلا الله، وشعوري بتأنيب الضمير يكاد يقتلني، فهل كان تصرفي صائبًا؟ أم كان الأفضل أن أحمي أطفالي، وأتمسك بهما، ولو كان في ذلك عصيانًا لأمر أبي وأمي؟ وأيًّا كان الصواب فسأبقى راضية بقضاء الله وقدره، وأحتسب عند الله أنني قدّمت بر الوالدين على مصلحتي ومصلحة أطفالي، وأعلم أن الله يبتليني ليمتحن صبري - والحمد لله على كل حال- فهل عليّ إثم لأنني عرضت الأطفال لهذا المصير؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلم يكن صوابًا منك أن تطيعي والديك في التنازل عن حضانة أولادك بسبب الخلاف بين والديك وبين مطلقك، فطاعة الوالدين إنما تجب في المعروف، وسواء كان من حق الحاضن أن يسقط حقه من الحضانة أم لا يجوز له ذلك، فإنّ المعتبر في مسألة الحضانة هو مصلحة المحضون، فقد كان عليك أن تقدمي مصلحة الأولاد إذا كنت تعلمين أن مصلحتهم في البقاء عندك.

لكن على أية حال فما دمت فعلت ذلك معتقدة وجوب طاعة والديك في هذا الأمر، فلا إثم عليك ـ إن شاء الله ـ.

وإذا كان بإمكانك الرجوع في هذا التنازل، والمطالبة بحضانة الأولاد، فافعلي، واعلمي أن من له الحضانة من الوالدين ليس له أن يمنع الآخر من رؤية المحضون وزيارته، وانظري الفتوى رقم: 95544.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني