الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التوبة من التسخط على القدر

السؤال

الحمد لله عندي بنتان وأنا حامل ببنت، وكنت أتمنى ذكرا، و كنت أدعو كثيرا أن يرزقني الله به في كل الأوقات التي يستحب فيها الدعاء وفي رمضان وفي العمرة... وغضبت لأنها بنت! أرضى بقضاء الله، فلماذا لم يستجب دعائي؟ وأستغفر كثيرا بسبب غضبي واعتراضي على قضاء الله وأخاف أن يعاقبني في بنتي، فماذا أفعل لأرتاح؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا تيأسي من استجابة دعواتك، فقد يرزقك الله أبناء بعد هذه البنت ويكونون قرة عين لك، وثقي أن الدعاء الذي لم تقدر له الإجابة المرجوة عند السائل لا يعني ذلك عدم فائدته، ويدلّ لذلك ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذاً نكثر، قال: الله أكثر.
ثم إن من شروط الدعاء أن لا يستعجل الداعي الإجابة، لحديث: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول: دعوت، فلم يستجب لي.

وقد بينا في الفتوى رقم: 93293، أن التذمر الموحي بالتسخط على القدر ينافي الرضا بالقضاء، فراجعيها للفائدة.

وأما عن العمل الذي يحصل به العلاج والارتياح: فهو التوبة الصادقة إلى الله تعالى مما حصل، والإكثار من الاستغفار، والعزم على عدم العود، فقد قال الله تعالى: فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {المائدة:39}.

وقال تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا {النساء:110}.

وقال تعالى: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {الأنعام:54}.

وقال ابن قدامة في المغني: وكل ذنب تلزم فاعله التوبة منه، ومتى تاب منه، قبل الله توبته، بدليل قوله تعالى: والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون * أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم {آل عمران: 135ـ 136} الآية، وقال: ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما {النساء: 110} ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له ـ وقال عمر رضي الله عنه: بقية عمر المؤمن لا قيمة له، يدرك فيه ما فات، ويحيي فيه ما أمات، ويبدل الله سيئاته حسنات، والتوبة على ضربين: باطنة، وحكمية، فأما الباطنة، فهي ما بينه وبين ربه تعالى، فإن كانت المعصية لا توجب حقا عليه في الحكم، كقبلة أجنبية، أو الخلوة بها، وشرب مسكر، أو كذب، فالتوبة منه الندم، والعزم على أن لا يعود، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الندم توبة... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني