الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التورق بين المنع والإباحة

السؤال

شركة أعمال خاصّة، أصابها تعثّر مالي، بسبب ركود اقتصادي يمرّ به البلد، لدرجة عَجِزَت فيها عن دفع رواتب الموظّفين لديها، ولمدة تزيد عن ثلاثة أشهر، فطُرِح على مَن يَرغب من العاملين، التقدّم إلى أحد البنوك المُعتمدة لدى الشركة، لطلب قرض التمويل الشخصي، وذلك بضمان مدة العقد المُبرَم بين الموظّف والشركة، وبضمان حسابه الجاري في البنك المُمَوِّل (تحويل الراتب)، فضلاً عن ضمان التعويضات المالية المُستحقّة للموظّف عن نهاية الخدمة في تلك الشركة، بحيث يكون مبلغ القرض المُقدّم من البنك، يعادل (أو يزيد) المبلغ المُستحقّ للموظّف على الشركة التي يعمل بها حتّى تاريخه، مع الإشارة إلى أن البنك سيقدّم القرض للموظّف بصيغة تعاقدية، مُتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وللعلم فإنه يترتّب بموجِب هذا الاتفاق، اقتطاع مُسبَق لمبلغ مُحدّد كأتعاب مادية لصالح البنك، تشتمل على الرسوم الإدارية، رسوم تفويض، وإيجار تخزين البضاعة التي سيُفوَّض البنك ببيعها لصالح العميل.
هل هناك مانع شرعي، أو شُبهة لعدم جواز هذا النوع من القروض، وذلك ضمن السياق المذكور؟!

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمعاملة المذكورة، ليست قرضا صريحا، بل هي معاملة تمويلية، بحيث يشتري البنك سلعة ما، ويبعها للموظف، ليبيعها الموظف وينتفع بثمنها، أو يوكل الموظف البنك في بيعها نيابة عنه, وهذا ما يسمى بالتورق، وهو نوعان: منه تورق عادي، يشتري البنك السلعة، فتدخل في ملكه وضمانه، ثم يبيعها بأقساط معلومة، ولو كانت أكثر من قيمتها، لطالبها، ثم يبيعها ذلك الشخص على جهة ثالثة؛ لينتفع بثمنها، وهذا جائز.

جاء في الروض المربع ما نصه: ومن احتاج إلى نقد، فاشترى ما يساوي مائة بأكثر؛ ليتوسع بثمنه، فلا بأس، وتسمى مسألة التورق، وذكره في الإنصاف وقال: وهو المذهب، وعليه الأصحاب. اهـ.

وهناك ما يسمى بالتورق المنظم، وقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي يحذر منه.

وجاء فيه: أن التورق الذي تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر، هو قيام المصرف بعمل نمطي، يتم فيه ترتيب بيع سلعة من أسواق السلع العالمية أو غيرها، على المستورق، بثمن آجل، على أن يلتزم المصرف إما بشرط في العقد، أو بحكم العرف والعادة، بأن ينوب عنه في بيعها على مشتر آخر، بثمن حاضر، وتسليم ثمنها للمستورق، وبعد النظر والدراسة، قرر مجلس المجمع ما يلي: أولا : عدم جواز التورق الذي سبق توصيفه. اهـ.

والمتبادر من سؤالك هو النوع الثاني؛ ولذا فالشبهة حاصلة، والذي نفتي به، المنع من هذا النوع من التورق، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 172553

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني