الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحسن العلاج لأذى الأقارب

السؤال

نعاني من السحر الشديد، فمنذ أكثر من 20 سنة وجدنا في أراضي لنا كتابتين (وهي عبارة عن دهن حيوانات، ومكتوب عليها سحر) وواحدة منها كانت تحت المنزل. عشنا في هذا المنزل 18 سنة، وبعناه، وخلال كل هذه الفترة كان جدي يأتي لكي يسقي الأشجارَ بالمواد اللازمة لها، وكانت عندنا حدائق محيطة بالمنزل، وفيها أشجار كثيرة، ولم تكن تعطي ثمارا جيدة أبدا، ولما لم يعد البيت ملكا لنا، نمت الثمار والأرض بطريقة لا تصدق. وقبل بيع البيت بسنتين، اشترينا قطعة أرض كبيرة، وزرعناها، وكان جدي يأتي كل يوم ويرشها بمواد زراعية، وقد حصلت لنا أشياء كثيرة، عرفنا من خلالها أن هناك سحرا لنا، ولما بنينا المنزل، وضعنا في أساساته ماء مقروءا عليه، ومع كل خطوة نضع هذا الماء، كان جدي كلما ذهب إلى مصالحنا وتجاراتنا، يجلس فيها طول النهار لمدة أسبوع، أو أقل، ومن ثم يتوقف البيع، ويتوقف رزقنا، مع العلم أن جدي كان يذهب إلى ساحرة، وهذا ليس كذبا، إنما لدينا تسجيل صوتي بهذا الأمر.
وذات مرة أخذ عمتي إلى ساحر، وكتب سحرا لجدتي كي تتعافى من الأمراض؛ لأنها كانت تتعبه بأمراضها، ونحن نعتقد أنه هو من يضع لنا السحر؛ لأنه يكرهنا كثيرا، ولا يحب لنا الخير، ومرة جعل أعمامي يتشاجرون معنا، وفضحنا في القرية كلها، ولم يقتصر على ذلك ....
المهم أننا في الفترة السابقة منذ سنتين، كان كل يومين أو ثلاثة يأتي إلينا، وفورا يذهب إلى الحمام ونحن نشك أنه يضع لنا السحر في الحمام؛ لأن مكان النجاسة يوضع فيه السحر، وفي تلك الفترة تشاجر أمي وأبي، وأخواتي مع أزواجهن، الحمد لله لم يحصل تفريق، لكن كثيرا من الأحداث حصلت في ذلك الوقت، وقد استمررنا على الرقية حتى منذ 3 أشهر، الحمد لله أمي وأبي لم يعد بينهما شيء، وعدنا كما كنا، وجدي لم يدخل بيتنا منذ ذلك الوقت حتى الآن؛ لأنهم يفطرون لدينا في رمضان، لكن المشكلة أن أبي عاد للتأثر بالسحر؛ لأنه أولا يأكل من ثمار بيتنا، ومن المؤكد أن جدي وضع فيها شيئا.
وثانيا: جدي أصبح يأتي كثيرا، فيفوح السحر علينا، ولذلك عاد أبي إلى الاكتئاب والعصبية، والابتعاد عنا، ووجهه شاحب جدا، ولا يقتنع أنه مسحور، وإخوتي رأوا في أكثر من رؤيا، أنهم يقرؤون آية الكرسي على السحرة والجن، وعندما نتحدث عن جدي أنه هو كاتب السحر، يغضب أبي بشدة، ولا يقبل أن نقرأ عليه آية الكرسي، والمعوذات و..... لأنه يعتقد أنه ليس هناك سحر. فمن فضلكم أريد الحل لهذه المشكلة، وكيف نتعامل مع جدي وأبي؟ وجزاكم الله عنا كل خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنا نسأل الله لنا ولكم وللمسلمين العافية، ونوصيكم بالمواظبة على التعوذات المأثورة، والتحصينات الشرعية، كما نوصيكم بعدم الاتهام للجد بالسحر، أو طلبه من السحرة، ولو أنه حصل شيء من ذلك، فيمكن علاجه بالرقية الشرعية.

وأما بخصوص الأب، فتمكن رقيته من دون علمه؛ لأن المهم إيصال الرقية إلى المريض، فالرقية الشرعية قد تنفعه، ولا يخشى منها ضرر.

وعليه؛ فلا تحتاج إلى علمه، فقد روى أبو داود والنسائي في الكبرى عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من عاد مريضاً لم يحضر أجله، فقال عنده سبع مرار: أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يشفيك، إلا عافاه الله من ذلك المرض.

ومن أحسن العلاج لأذى الأقارب، أن تحافظوا على التعوذ، وتتمسكوا بتقوى الله عز وجل، والصبر على الأذى، ولن يضركم كيدهم وشرهم إن اتقيتم وصبرتم، كما قال تعالى: وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ {آل عمران:120}. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فمن اتقى الله من هؤلاء وغيرهم بصدق، وعدل، ولم يتعد حدود الله، وصبر على أذى الآخر وظلمه، لم يضره كيد الآخر، بل ينصره الله عليه. انتهى.

وقابلوا الإساءة بالإحسان، وبالصبر الجميل، وبذلك يكون الله معكم، وينقلب المعادي لكم والمؤذي وليا حميما؛ لقوله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34-35}، وقد جاء رجل يشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم سوء معاملة أقاربه له، فقال: يا رسول الله؛ إن لي قرابه أصلهم، ويقطعونني، وأحسن إليهم، ويسيئون إلي، وأحلم عليهم، ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك. رواه مسلم وأحمد وأبو داود. والمَلُّ هو: الرماد الحار. وراجعوا في الرقية، وفي المزيد عما تقدم، الفتاوى التالية أرقامها: 80694، 163403، 74537 .
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني