الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هجر المسلم للتخلص من ضرره هل يمنع رفع العمل الصالح؟

السؤال

تخاصمت مع شخص كنت أكن له كل الاحترام والمودة من أجل العمل، فقد أمنته على عمل لي بمواصفات محددة، فخان الأمانة وقام بعمل مواصفات أقل جودة مما اتفقنا عليه باعتراف عماله بتكلفة أعلى، فعاتبته بلين، ولكنه على الرغم من معرفته الجيدة بأخلاقي وأمانتي اتهمني زورا بأنني أفعل ذلك، لأنني أريد أن أبخسه حقه، ووصفني بأنني لص وأنني أدخل إلى جوفي حراما، وأنني لم أرد له الخير.... فهل عملي لا يرفع حتى أصالحه؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأولى والأفضل أن تصالح هذا الشخص الذي كنت تُكنُّ له الاحترام والتقدير، فتصفح عنه وتعفو عما صدر منه، قال الله تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43}.

وقال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40}.

وإذا كانت صلته تؤدي إلى النيل من عرضك بالشتم والسب.. فلك أن تأخذ بالرخصة إن شئت، وذلك بأن تتركه تجنبا لضرر أذيته، لأنه: لا ضرر ولا ضرار. كما جاء في الحديث.

وقال الحافظ أبو عمر ابن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصًا على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية.

وفي هذه الحالة، فإن عدم الصلة به لا حرج فيها ولا تدخل بها في الوعيد الوارد في الحديث.

ولكننا ننبه إلى أن الخصومة والشحناء بين المسلمين لا خير فيها، ويكفي من شؤمها وسوء أثرها أن أعمال المتخاصمين لا تعرض على الله تعالى، وتحرم المتخاصمين من مغفرته التي ينالها كل عبد مؤمن يوم الاثنين ويوم الخميس، فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ، فَيَغْفِرُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، لِكُلِّ امْرِئٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا امْرَءا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا.

وفي رواية: تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ.. الحديث.
ولذلك ننصحك بالمبادرة بالصلح مع أخيك المسلم إذا لم يترتب على ذلك ضرر ـ كما أشرنا في البداية ـ وأن تكون خير المتخاصمين، فقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيُعرض هذا، ويُعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.

وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين رقم: 136063، ورقم: 112962.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني