الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التائب من الذنب كمن لا ذنب له

السؤال

ماذا تقولون لشخص تائب، أصيب بالأمراض النفسية، والخوف، أصبحت حياته جحيما، لا يرى إلا الموت أمامه.
لقد قلت كلاما على ربي، قلت إن الله لم ينفعني، قلت كلاما كثيرا، لكن لم أكن أعلم بأن هذا القول كفر، صحيح كنت أعلم أني جريء بهذا الكلام، لكن الحمد لله لا أذكر أني شتمت، عندما نصحني شخص، وقال الكلام الذي قلته كبير وعظيم، بحثت عن حكم التطاول على الله، ووجدته كفرا، ويعتبر أشد الكفر، صدمت وخفت، ومرضت عندما قرأت هذا الكلام، لم يهنأ لي بال، أصبحت أراجع عند دكتور نفسي بسبب الخوف، واعتقادي أن الله لن يغفر لي؛ لأنني قرأت في موقعكم أنه لا توبه لي، لا أعلم هل تقصدون توبة دنيوية، أم بين العبد وربه؟
أنا الآن خائف وأرتعد، وطول الوقت أبكي، أشعر بحرارة في كامل جسمي، الحمد لله، أصلي ، وأقرأ القرآن، لكن أشعر أني حقير، تمنيت لو أنني حديث إسلام، تمنيت لو أنني عبد فقير تائه في الصحراء، ولم أقل هذا الكلام، أرى دمي مهدورا أمامي لا أعلم ماذا أفعل، أخاف أن أقع في محظور القنوط من رحمه الله، خائف جدا أن أستيقظ من نومي، وأفكر في هذا الموضوع حتى أنام وهكذا، بدأت أفكر في الجهاد لعلي أموت مجاهدا، ويذهب هذا القلق الذي أعاني منه، بدأت أحسد كل شخص مسلم ولو كان زانيا، وعاصيا في هذه الدنيا.
أرجوكم أرشدوني.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهون عليك أيها الأخ الحبيب، فمهما كان الذنب عظيما، فإن رحمة الله تعالى أعظم، وقد وسعت رحمته - سبحانه - كل شيء، وهو يقبل التوبة عن عباده التائبين مهما كانت ذنوبهم، وليس صحيحا ما فهمته من أن من فعل هذا الذنب لا توبة له، بل كل الذنوب مهما عظمت، يتوب الله على أصحابها إذا تابوا منها توبة نصوحا، كما قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.

فما دمت قد تبت، وندمت على ما اقترفت، فإن توبتك مقبولة - إن شاء الله، وسترجع بهذه التوبة كأنك لم تذنب أصلا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب، كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه.

فأحسن ظنك بربك، ودع عنك هذه الوساوس والأفكار التي يلقيها الشيطان في قلبك؛ ليكدر عليك عيشك، ويفسد عليك حياتك. وأقبل على طاعة ربك تعالى بصدر منشرح، ونفس مطمئنة، وأكثر من فعل الخير ما أمكن؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات، وسل الله أن يشفيك ويعافيك، واصحب أهل الخير والصلاح، وأكثر من ذكر الله تعالى على كل حال، نسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني