الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المعنى الصحيح لتفاوت درجات المتقين في الجنة

السؤال

هم درجاتٌ عند الله... كلهم في الجنة، لكن.... وفدٌ يسعى إليها على رجليه: وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا ـ ووفدٌ يركب تكريما وتدليلا: يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ـ والأعلى كرامة وفدٌ تسعى إليه الجنة وتقترب منه: وأُزْلِفت الجنة للمتقين ـ فهل يصح هذا التصنيف؟ والعجيب أن الآيات كلها في المتقين، فهل المتقون أصناف ودرجات يتفاوتون في الجنة أو في كيفية دخولها؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن مراتب المتقين في درجات الجنة متفاوتة حسب أعمالهم، كما قال الله تعالى: وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا {الأحقاف: 19}.

وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً {الإسراء: 21}.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق، أو المغرب، لتفاضل ما بينهم. رواه مالك في الموطأ.

وقال صلى الله عليه وسلم: إن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين مائة عام. أخرجه الترمذي.

وله أيضا: إن في الجنة مائة درجة لو أن العالمين اجتمعوا في إحداهن لوسعتهم.

وأما قول الله تعالى: وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة.. فليس معناه أنهم يسعون إليها مشيا على أقدامهم، قال القرطبي في تفسيره: وَسَوْقُ أَهْلِ الْجِنَانِ سَوْقُ مَرَاكِبِهِمْ إِلَى دَارِ الْكَرَامَةِ وَالرِّضْوَانِ، لِأَنَّهُ لَا يُذْهَبُ بِهِمْ إِلَّا رَاكِبِينَ كَمَا يُفْعَلُ بِمَنْ يُشَرَّفُ وَيُكَرَّمُ مِنَ الْوَافِدِينَ عَلَى بَعْضِ الْمُلُوكِ. اهـ

وجاء في لباب التأويل للخازن: والمراد بسوق أهل الجنة سوق مراكبهم، لأنهم يذهبون إليها راكبين، أو المراد بذلك السوق إسراعهم إلى دار الكرامة والرضوان. اهـ

وهو كقوله تعالى: يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ـ كما جاء في تفسير الطبري.
كما فسروا قوله تعالى:يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ـ بأنهم يأتون إليها ركبانا، جاء في تفسير الطبري: على النجائب...
وقوله تعالى: وأزلفت الجنة للمتقين ـ أي قربت إليهم وأدنيت منهم بحيث يرونها قبل دخولها، كما جاء في لباب التأويل: وأزلفت الجنة أي قربت وأدنيت للمتقين أي الذين اتقوا الشرك غير بعيد يعني أنها جعلت عن يمين العرش بحيث يراها أهل الموقف قبل أن يدخلوها.

وقال الطبري: يعني جلّ ثناؤه بقوله: وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ ـ وأدنيت الجنة وقرّبت للمتقين، الذين اتقوا عقاب الله في الآخرة بطاعتهم إياه في الدنيا.

وقال القرطبي: أي قربت مِنْهُمْ، وَقِيلَ: هَذَا قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الدُّنْيَا، أَيْ قُرِّبَتْ مِنْ قُلُوبِهِمْ حِينَ قِيلَ لَهُمُ اجتنبوا المعاصي وقيل: بعد الدخول..
هذا ملخص ما قاله أهل التفسير في معنى الآيات المذكورة، أما تفاوت درجات المتقين في الجنة حسب أعمالهم فلا شك فيه، وقد ذكرنا طرفا من الأدلة على ذلك من القرآن والحديث في أول الجواب، وليس معنى تفاوت درجاتهم ما جاء في السؤال كما رأيت.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني