الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في حدود عورة الصغير والصغيرة

السؤال

أريد جوابا مفصلا؛ لأني بحثت عنه كثيرا، وجزاكم الله خيرا.
وسؤالي شيوخي الأعزاء: ما هي عورة الأنثى (الطفلة) التي هي فوق سبع سنين، وما هي الأعضاء التي يحل لنا النظر إليها، ولمسها؟ وما هي عورة الطفلة؟ وما هي الأعضاء التي يحل لنا لمسها، والنظر إليها، بالنسبة للبنت التي يكون عمرها فوق عشر سنين، ولم تبلغ بعد؟ وكذلك أيضا إذا تكرمتك: أريد مثل ذلك عورة الطفل الذكر، ما الذي يجوز لنا مسه، أو النظر إليه منها؛ لأني قرأت قولا للحنابلة، أن عورة البنت التي عمرها فوق السابعة، من الركبة إلى السرة للمحارم، وغير المحارم تكون كالكبيرة بالنسبة لمحارمها، وفوق العاشرة هي كالكبيرة تماما.
فكيف تكون كالكبيرة، وهناك بنات تبلغ على اثنتي عشرة، أو أكثر، ولم يذكروا ما يجوز لنا مسه منهن، أعني التي فوق السابعة، وفوق العاشرة، وقالو الطفل الذي فوق السابعة عورته الفرج والذكر، ولم يذكروا عورة من فوق العاشرة. يعني ما يحل لنا النظر إليه ممن هو فوق السابعة؟ وهل يحل لنا مصافحتهن؟ وهل إذا وصلت العاشرة تصبح كالكبيرة تماما، وكذلك الطفل بالنسبة للإناث؟
فأريد جوابا مفصلا، وقول المذاهب الأربعة في هذا الموضوع إذا أمكن، وما هو الراجح منه.
أدخلكم الله فسيح جناته.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 112255 أن حدود عورة الصغير والصغيرة، لم ترد فيها أدلة صريحة من الكتاب والسنة، وبينا فيها أن القول الأقرب عندنا هو قول الحنابلة، وكذا رجحناه في الفتوى رقم: 260281.

وأما أقوال المذاهب الفقهية، فنذكرها لك ملخصة، مما جاء في الموسوعة الفقهية.

فقد جاء فيها: عَوْرَةُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ:

10 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنْ لاَ عَوْرَةَ لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ جِدًّا، وَحَدَّدَ بَعْضُهُمْ هَذَا الصِّغَرَ بِأَرْبَعِ سَنَوَاتٍ فَمَا دُونَهَا، ثُمَّ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ، يُعْتَبَرُ فِي عَوْرَتِهِ مَا غَلُظَ مِنَ الْكَبِيرِ، وَتَكُونُ عَوْرَتُهُ بَعْدَ الْعَشْرِ، كَعَوْرَةِ الْبَالِغِينَ ....

وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الصَّغِيرَ ابْنَ ثَمَانِ سَنَوَاتٍ فَأَقَل، لاَ عَوْرَةَ لَهُ، فَلِلْمَرْأَةِ النَّظَرُ إِلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ حَيًّا، وَأَنْ تُغَسِّلَهُ مَيِّتًا، وَلَهَا النَّظَرُ إِلَى جَمِيعِ بَدَنِ مَنْ هُوَ بَيْنَ التَّاسِعَةِ وَالثَّانِيَةَ عَشْرَةَ، وَلَكِنْ لَيْسَ لَهَا غُسْلُهُ، وَالْبَالِغُ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً فَمَا فَوْقَ، عَوْرَتُهُ كَعَوْرَةِ الرَّجُل.

أَمَّا الصَّغِيرَةُ فَهِيَ إِلَى سِنِّ السَّنَتَيْنِ وَثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ، فَلاَ عَوْرَةَ لَهَا إِذَا كَانَتْ رَضِيعَةً، وَأَمَّا غَيْرُ الرَّضِيعَةِ إِنْ كَانَتْ لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ، فَلاَ عَوْرَةَ لَهَا بِالنِّسْبَةِ لِلنَّظَرِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسِّ، فَعَوْرَتُهَا كَعَوْرَةِ الْمَرْأَةِ، فَلَيْسَ لِلرَّجُل أَنْ يُغَسِّلَهَا، أَمَّا الْمُشْتَهَاةُ، فَعَوْرَتُهَا كَعَوْرَةِ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّظَرِ وَالتَّغْسِيل. وَالأْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ حِل النَّظَرِ إِلَى صَغِيرَةٍ لاَ تُشْتَهَى؛ لأِنَّهَا لَيْسَتْ مَظِنَّةَ الشَّهْوَةِ، إِلاَّ الْفَرْجُ فَلاَ يَحِل النَّظَرُ إِلَيْهِ، وَفَرْجُ الصَّغِيرِ كَفَرْجِ الصَّغِيرَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَاسْتَثْنَى ابْنُ الْقَطَّانِ الأْمَّ زَمَنَ الرَّضَاعِ وَالتَّرْبِيَةِ لِلضَّرُورَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمُرْضِعَةُ غَيْرَ الأْمِّ كَالأْمِّ. وَالأْصَحُّ أَنَّ الصَّبِيَّ الْمُرَاهِقَ، فِي نَظَرِهِ لِلأْجْنَبِيَّةِ، كَالرَّجُل الْبَالِغِ الأْجْنَبِيِّ، فَلاَ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَبْرُزَ لَهُ .... وَأَمَّا غَيْرُ الْمُرَاهِقِ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدًّا يَحْكِي مَا يَرَاهُ فَكَالْعَدِمِ. أَوْ بَلَغَهُ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ كَالْمَحْرَمِ، أَوْ بِشَهْوَةٍ فَكَالْبَالِغِ ...

وَالْحَنَابِلَةُ قَالُوا: إِنَّ الصَّغِيرَ الَّذِي هُوَ أَقَل مِنْ سَبْعِ سِنِينَ لاَ عَوْرَةَ لَهُ، فَيَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ وَمَسُّهُ، وَمَنْ زَادَ عَنْ ذَلِكَ إِلَى مَا قَبْل تِسْعِ سِنِينَ: فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا، فَعَوْرَتُهُ الْقُبُل وَالدُّبُرُ فِي الصَّلاَةِ وَخَارِجِهَا، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَعَوْرَتُهَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلاَةِ. وَأَمَّا خَارِجُهَا فَعَوْرَتُهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَحَارِمِ هِيَ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَبِالنِّسْبَةِ لِلأَجَانِبِ مِنَ الرِّجَال جَمِيعُ بَدَنِهَا إِلاَّ الْوَجْهَ وَالرَّقَبَةَ وَالرَّأْسَ، وَالْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقِ وَالسَّاقِ وَالْقَدَمِ ... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني