الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من يقومون على المسلسلات الرمضانية المشتملة على منكرات ومن يشاهدونها

السؤال

أطلب رأي الشرع في الأعمال التمثيلية التي تحتوي على مشاهد، وألفاظ خارجة، والتي يتم إعدادها للعرض بشكل خاص في شهر رمضان، وكذلك البرامج الحوارية التي تعتمد بالدرجة الأولي على الإثارة، عن طريق التعرض لحياة الممثلين الشخصية، وكذلك يتم إعدادها للعرض في شهر رمضان خاصة، كذلك البرامج المسماة ببرامج المقالب، والتي كذلك يتم إعدادها للعرض في شهر رمضان خاصة؟
أرجو أن تتكرموا بتبيين الرأي الشرعي فيمن يقومون على هذه الأعمال، وكذلك فيمن يحرص على متابعة هذه الأعمال خلال الشهر الكريم.
جزاكم الله خيرا، ونفعنا بعلمكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمثل هذه الأعمال التمثيلية، والبرامج الحوارية والفكاهية، إن اشتملت على منكر مسموع، أو مرئي، أو دعوة إليه، لا يستراب في حرمتها، ونكارتها.

وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 38572، 1791، 198111.

وإذا كانت معدة لشهر رمضان، فهي أشد إثما، وأعظم وزرا؛ فإن هذا الشهر الفضيل شهر طاعة، وتشمير في العبادة، تُسلسل فيه شياطين الجن، فيسعى شياطين الإنس في ملء ما يخلفون من فراغ، -والعياذ بالله- فيبوؤون بإثم من أغووهم، ويخالفون بذلك سبيل المؤمنين، ويصدون عن الحق والهدى الذي نزل به القرآن في شهر رمضان! وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان أول ليلة من شهر رمضان، صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يغلق منها باب، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر. ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.
وقد خالف بغاة الشر للمسلمين هذا النداء، فنشطوا في صد الناس عن سبيل الله تعالى في هذا الشهر الكريم ولم يقصروا! فعرَّضوا بذلك أنفسهم ومن استجاب لهم للوعيد الشديد بدخول النار -والعياذ بالله- فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال: " (آمين، آمين، آمين) ". قيل: يا رسول الله! إنك صعدت المنبر فقلت: (آمين، آمين، آمين). فقال: "إن جبرائيل -عليه السلام- أتاني فقال: من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له، فدخل النار؛ فأبعده الله، قل: (آمين)، فقلت: (آمين) " ... الحديث. قال المنذري: ورواه ابن خزيمة، وابن حبان في "صحيحه"، واللفظ له. اهـ. وصححه الألباني.
ولهذا السعي في الباطل، والنشاط في نشر المنكر، وإشاعة الفاحشة، لم يكن شهر على المنافقين شر لهم من رمضان، كما في حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أظلكم شهركم هذا، بمحلوف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما مرَّ بالمسلمين شهر قط، خير لهم منه، وما مر بالمنافقين شهر قط، أشر لهم منه، بمحلوف رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن الله ليكتب أجره ونوافله، ويكتب إصره وشقاءه من قبل أن يدخله، وذاك لأن المؤمن يعد فيه القوة من النفقة للعبادة، ويعد فيه المنافق ابتغاء غفلات المؤمنين وعوراتهم، فهو غنم للمؤمن يغتنمه الفاجر. رواه أحمد. وصححه الشيخ أحمد شاكر. وفي رواية البيهقي: "فهو غنم للمؤمن، ونقمة للفاجر".
ولو خلت هذه المسلسلات والبرامج من المحاذير الشرعية -وهذا افتراض بعيد- فأقل ما يقال عنها إنها مشغلة عن ذكر الله، والإكثار من عبادته في هذا الموسم العظيم، الذي ينبغي للمسلم أن يحرص كل الحرص على اغتنام لحظاته، وساعاته في ما يقرب من الله تعالى، ومن نيل رضوانه.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني