الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من مسائل الطلاق المعلق

السؤال

بارك الله فيكم ونفع بكم الإسلام وجزاكم عنا خيراً: تزوجت زوجة ثانية لمرض زوجتي الأولي قبل 6 سنوات، وعمري الآن 53 عاماً، ولم يكن بيننا أولاد، ولي ابنتان وشاب من زوجتي الأولى، ولها بنت من زوجها الأول، وكلهم متزوجون عدا واحدة من بناتي، وقد توفيت زوجتي أم أبنائي، وبقيت الزوجة الثانية ترعى مصالحي وأولادي، وهي تكثر من طلب الطلاق، فحلفت عليها بالطلاق ثلاث مرات، منها ما هو بغرض التهديد، ومنها ما وقع صراحة:
الأولى: حلفت بالطلاق بنية التهديد وكان معلقا بشرط، ووقع الشرط واعتبرتها طالقة، فما حكمه؟.
الثانية: قالت لي أعتقني لوجه الله، فقلت لها أنت طالق صريحة، فما حكمه؟.
الثالثة: كان طلاقا معلقا كالحالة الأولى وقد وقع الطلاق بعد حدوث الشرط ، فما حكمه، علماً بأنني أقررت الصيغة بعد ذلك عند المأذون وتم الطلاق شرعا ًوقانوناً وأخبرت أهلي بذلك وكنت على يقين أنها الطلقة الأخيرة، ولا رجوع بعدها.
في الحالة الثالثة كانت نيتي بأنها الطلقة الثالثة وأنها إذا وقعت ـ و قد وقعت بالفعل بعد كسرها للتهديد ـ لا رجوع بعدها بحكم أنها الثالثة، فهل هذا يؤثر على شيء في حالة عدم وقوع أي من الطلقات الأولى والثانية أو الثالثة؟ وقد ذهبت إلى دار الإفتاء فأفتوني بأن الطلقة الأولى هي التي لم تقع، لأنها كانت بنية التهديد، وأفتوني بردها، فما رأيكم في هذه الفتوى؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأكثر أهل العلم على أنّ من حلف بالطلاق أو علّقه على شرط، وحنث في يمينه طلقت زوجته، سواء قصد إيقاع الطلاق أو قصد مجرد التهديد أو التأكيد ونحوه، وبعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ يجعل الحالف بالطلاق للتهديد أو التأكيد كالحالف بالله، فإذا حنث في يمينه لزمته كفارة يمين ولم يلزمه طلاق، والمفتى به عندنا هو قول الجمهور، وانظر الفتوى رقم: 11592.

وعليه، فالمفتى به عندنا أنّ امرأتك قد طلقت ثلاثاً وبانت منك بينونة كبرى، فلا تملك رجعتها إلا إذا تزوجت زوجاً غيرك ـ زواج رغبة، لا زواج تحليل ـ ويدخل بها الزوج الجديد ثم يطلقها أو يموت عنها، وتنقضي عدتها منه، لكن المسائل التي اختلف فيها أهل العلم لا حرج على من يعمل فيها بقول بعض العلماء، مادام مطمئنا إلى قوله، وانظر الفتويين رقم: 5584، ورقم: 241789.

والظاهر لنا ـ والله أعلم ـ أنّ مجرد اعتقادك وقوع الطلاق الثلاث قبل أن تستفتي أهل العلم لا يمنع من العمل بقولهم بعدم وقوع إحدى الطلقات، قال ابن تيمية رحمه الله: .... وأما قوله لزوجته بعد ذلك: أنت طالق فإنه تقع هذه الطلقة وإذا اعتقد أنه بهذه الطلقة قد كملت ثلاثا وأقر أنه طلقها ثلاثا: لم يقع بهذا الاعتقاد شيء ولا بهذا الإقرار. اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني