الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دفع أبناء الأخ الضرر التي تلحقه بهم عمتهم ليس عقوقا لها

السؤال

أصحاب الفضيلة أثابكم الله، ونفع الله بكم الأمة، أفيدونا بنصحكم وتوجيهكم، بما فضلكم الله على كثير من خلقه. لعمتي وزوجها فضل كبير علينا أنا وأختي، حيث كانا سببا لقدومنا إلى هذه الأرض الطيبة، وعشنا في منزلهم قرابة 20 سنة، ولكن عمتي كانت على خلاف دائم مع والدي، وكانا متخاصمين، وزادت حدة الخصام بعد أن تحاكما إلى المحكمة بسبب ميراث منزل كان لجدتي، وعارضت عمتي زواجي منذ 5 سنوات، ولكني مضيت في طريقي وتزوجت، فازدادت العداوة والخصام، وتحولت إلى انتقام، حيث قاموا بترحيل أختي، ثم أعدتها إلى هذه البلدة الطيبة، وما زالت عمتي ومن يعاونها يكيدون لنا، ويحاولون الإضرار بنا أنا وأختي بكل الوسائل المتاحة، حتى تم إلغاء إقامة أختي منذ شهر، والآن يريدون ترحيلها من هذا البلد، علما بأنها طالبة في المرحلة الجامعية، وموظفة تعيل إخوتها الصغار، وأنا متزوج ولدي 3 أبناء، وقد حاول الوجهاء والصلحاء، وأهل الخير الإصلاح بيننا، ونحاول أن نصلها وتطردنا، ونحاول أن نبرها فتصدنا. فهل نكون أنا وأختي عاقين لعمتنا، إذا رفضنا ترحيل أختي إلى بلدنا الأم -حيث الجهل والفقر -؟ وفي بقائها مصلحة لها، ولإخوتي الصغار الذين نعيلهم! وهل الدعاء علينا أنا وأختي يضرنا إذا كنا على حق، ولا نؤذي أحدا، ولا نعتدي على أحد؟! وبماذا تنصحونا في إصلاح هذه المخاصمة، والمشاحنة، وقد تكالب علينا الناس، ولا نملك إلا الدعاء، والتضرع إلى الله.انصحونا وأفيدونا أثابكم الله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت، فإن عمتكم ظالمة لكم، ولستم عاقين لها، أو قاطعين رحمها، بل هي القاطعة والمسيئة، ولا يضركم دعاؤها عليكم بغير حق، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم..." صحيح مسلم.

قال المناوي -رحمه الله-: فإنه لا يجاب؛ لأنه عاص بنفس الدعاء. التنوير شرح الجامع الصغير.

والذي ننصحكم به أن لا تنسوا فضلها عليكم، أحسنوا إليها، وكافئوها بما استطعتم، وداوموا على صلتها بما لا يضركم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ، وَيَقْطَعُونِي؛ وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ، وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ؛ وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ، وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ. فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ، مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ. صحيح مسلم. تسفهم المل: تطعمهم الرماد الحار.
جاء في تحفة الأحوذي: هَذَا مِنْ بَابِ الْحَثِّ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صِلْ مَنْ قَطَعَكَ، وَأَحْسِنْ إِلَى مَنْ أَسَاءَكَ. اهـ.

وحاولوا توسيط بعض الصالحين للإصلاح بينكم وبينها، واعلموا أنّ مقابلة السيئة بالحسنة، مما يجلب المودة، ويقي شر نزغات الشيطان، قال تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. {فصلت34}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني