الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم البحث عن منافع العبادات الجسمية والاجتماعية لإدراك الحكمة منها واستخدامها في الدعوة

السؤال

ما هو حكم من أراد البحث عن منافع العبادات (الجسمية والاجتماعية) التي أمرنا الله بها كالصلاة والوضوء والصيام مثلا ؟ فنجد الآن بعض (الباحثين) يقولون: مثلا لو جعلنا اتجاه المنزل إلى القبلة فهذا يزيد من الطاقة الإيجابية في المنزل، ومن هذا الكلام باستدلالهم بالآية: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) .
أو البحث عن أسباب بعض الأمور التي حرمها الله في قرآنه أو الرسول في سنته، مثل تحريم لبس الذهب للرجال حيث اكتشفوا أنه يرفع من هرمونات الأنوثة.
مع العلم أنه ببحثه هذا يريد نية أن يثاب عليه كطلب للعلم، ومن أجل التأمل والتفكر في إعجاز الله لنا في اختياراته.
فلو صحت هذه الاكتشافات مثلا، فهل البحث عن مثل هذا أمر محمود أم أنه مذموم، وهل يعتبر من أنواع طلب العلم؟ أم إضاعة للوقت فيما لا ينفعنا لو علمناه ؟ وهل عند قصد نية طلب العلم أو الإثابة عليه يكون هذا الأمر بدعة أم أنه لا حرج فيه ؟ وما حكم الاعتماد على هذه الطريقة في دعوة الكفار إلى الإسلام ؟
جزاكم الله خيراً .

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمؤمن يعبد الله، ويمتثل ما أمر به بغض النظر عن ظهور حكمة التكليف له من عدمه، وهو يعلم أن الله تعالى حكيم، لا يشرع شيئا إلا لحكمة ومصلحة، وسواء ظهرت لنا تلك الحكمة أو لم تظهر، وهو لا يتكلف البحث عن حكم التكاليف لأن ذلك يوهن الانقياد كما قال العلماء، فإذا ظهرت له حكمة التكليف لم تزده إلا انقيادا، قال ابن القيم رحمه الله: ومن علامات تعظيم الأمر والنهي أن لا يحمل الأمر على علة تضعف الانقياد والتسليم لأمر الله عز وجل، بل يسلم لأمر الله تعالى وحكمه ممتثلاً ما أمر به؛ سواء ظهرت له حكمته أو لم تظهر، فإن ظهرت له حكمة الشرع في أمره ونهيه حمله ذلك على مزيد الانقياد والتسليم. انتهى

على أن من كان منقادا للشرع لكنه يبحث عن الحكمة فيه ليدعو إلى الله تعالى ببيان تلك الحكمة فهو محسن في ذلك، وما يحصله من الحكم الظاهرة لأحكام الشرع هو من العلم الذي يثاب طالبه، وخاصة إذا انضم لذلك نية الدعوة إلى الله تعالى، وبخاصة دعوة الكفار الذين يستجيبون للحق إذا ظهرت لهم حكمة الأمر به، وفاعل هذا بهذا القصد مأجور مثاب إن شاء الله، وليس عمله هذا من البدع، لكن عليه أن ينتبه إلى ضرورة بيان أن الانقياد والتسليم إنما هو للشرع لا لمجرد الحكمة، وأن يحذر من ذكر ما ليس بحكمة للتشريع في نفس الأمر؛ كأن كان ما يذكره من الحكم لا يقوم عليه دليل بين أو لا يظهر ظهورا واضحا، فإن هذا يؤدي إلى النفور، ومزيد الإعراض عن الدعوة، فيضر صاحب هذا المسلك من حيث قدر أنه ينفع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني