الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دعوة الداعي مجابة بكل حال

السؤال

أشعر دائما أن الله غاضب علي، فلا يستجيب دعائي، ولا دعاء أبي، و لا دعاء زوجتي لي، فلا يحالفني التوفيق في عملي (أعمل كصيدلي في شركة)
وكلما اجتهدت لأجد باب رزق آخر بعيدا عن مكان عملي الحالي؛ عملا بقوله تعالى: (ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرة وسعة) وجدته مغلقا، مما جعلني شديد التعصب على زوجتي وابنتي؛ لشعوري أني صغير في أعينهم، ولا يحالفني التوفيق، والشيطان لا تفارقني وساوسه بالقنوط، وأنا دائم الاستعاذة.
أرشدوني. بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد تكلمنا بالفتوى رقم : 264679 على قول الشخص "إن الله غاضب علي" وما ينبغي في علاج البلاء، وراجع في الأعمال التي يحب الله أهلها ويرضى عنهم الفتوى رقم: 47241، والفتوى رقم: 74127.

وأما عن استجابة الدعاء، فإن الله تعالى جواد كريم، لا يخيب دعاء من رجاه، ولكن الإجابة قد تكون بإعطاء ما سأل الداعي مباشرة، أو بصرف مكروه عنه, أو ادخار الثواب لوقت يكون العبد فيه أحوج، والدليل على أن ذلك كله من الإجابة وعد الله تعالى بالإجابة في قوله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60}، وقوله صلى الله عليه وسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم.. الحديث. رواه مسلم, وقوله صلى الله عليه وسلم: ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها, أو صرف عنه من السوء مثلها, ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. رواه الترمذي, وفي رواية لأحمد: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذًا نكثر، قال: الله أكثر.

وهذه الثلاثة إنما حصلت بسبب إجابة الدعاء, وقد بينا هذا في فتوانا رقم: 116103، بعنوان: لا يلزم من استجابة الدعاء إعطاء السائل عين ما سأل.

فننصحك بإكثار الدعاء، وعدم الاستعجال، وعليك أن تحسن الظن بالله تعالى، وأن تكثر التضرع له، كما قال النووي: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُكْثِرَ التَّضَرُّعَ وَالْخُشُوعَ وَالتَّذَلُّلَ وَالْخُضُوعَ وَإِظْهَارَ الضَّعْفِ وَالِافْتِقَارِ، وَيُلِحُّ فِي الدُّعَاءِ وَلَا يَسْتَبْطِئُ الْإِجَابَةَ، بَلْ يَكُونُ قَوِيَّ الرَّجَاءِ لِلْإِجَابَةِ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ فَيَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ وَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (مَا عَلَى الْأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ تَعَالَى بِدَعْوَةٍ إلَّا آتَاهُ اللَّهُ إيَّاهَا، أَوْ صَرَفَ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أو قطعية رحم. فقال رجل من القوم: إذا نُكْثِرُ. قَالَ: اللَّهُ أَكْثَرُ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ وَزَادَ فِيهِ: (أَوْ يَدَّخِرُ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلَهَا). انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني