الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شروط صحة تعجيل الزكاة، واستحباب التوكيل بتوزيعها

السؤال

الحمدُ للهِ لقد أتممتُ اخراجَ زكاةِ مالي في رمضانَ المنصرم، وقبل أن يأتيَ رمضانُ القادمُ بإذنِ اللهِ، فإنِّي أظلُّ دومًا أُخرجُ من زكاةِ مالي قبلَ موعدِ استحقاقِها، في هيئةِ نقودٍ في الظروفِ الطارئةِ للفقراء، وعندما يأتي رمضانُ أخصُمُ ما أخرجْتُه وأُتمِّمُ المستحقَ، إلّا أنني لا أستطيعُ أنْ أُوَزِّعَ مالًا في عيد الأضحى؛ حيْثُ الناسُ لا يأخذون ويسكتون وإنما يظلُّ الواحدُ منهم يقولُ: "مِن أينَ له بهذا المال يُوزعُه ليلًا ونهارًا" حتى أنَّ زوجتي قالتْ لي باللهجة المصرية: "إنتَ مِشْ هترتاح غير لمَّا أولاد الحرام يخطفوا عَيِّل من العِيال، زيِّ ما خطفوا ابن فلان وابن فلان؟!".
فنظرًا لهذه الظروف ولمصلحة الفقير أوَّلًا؛ هل يجوزُ لي ذبحُ بقرةٍ وتوزيع بعض لحمها في عيد الأضحى وخصم ثمن لحوم الفقراءِ من زكاة المال؟
أرجو من حضراتكم إجابة قاطعة واضحة شاملة وفي أقرب فرصة، لأقرِّرَ أأشتري وأوزعُ اللحومَ على الفقراءِ أم أكتفي بخروفٍ لأولادي؟ وسآخذُ برأيكم نعم أم لا؟ ولا تقولوا أخرجْ مالًا فإنني لا أستطيعُ، لأن هذا سيُعرِّضُني وأطفالي للخطر، وتقبلوا عظيم تقديري وجزاكم اللهُ خيرَ الجزاءِ.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن تعجيل الزكاة قبل تمام الحول، وبعد اكتمال النصاب جائز عند أكثر أهل العلم, أما قبل اكتمال النصاب, فلا يجزئ تعجيلها لعدم انعقاد الوجوب , وانظر الفتوى رقم: 6497.
فإذا كنت تعجل زكاتك بعد اكتمال النصاب عندك, فما تقوم به من توزيع أموال في الظروفِ الطارئةِ للفقراء مجزئ, ولك أن تحسب ما وزعته بنية الزكاة عندما يكتمل الحول، وتعرف قدر الواجب، فإذا كان ما وزعته على الفقراء أثناء الحول هو قدر الواجب فلا يلزمك شيء، وإن كان ما وزعته ناقصا عن الواجب أتممت المستحقَ، لكن لا يلزمك توزيع نقود بمناسبة عيد الأضحى, سواء كنت تجد حرجا لأجل ما تسمعه من كلام الناس أم لا، وبإمكانك توكيل من يتولى عنك توزيع الزكاة حتى لا تشعر بالحرج , بل إنه من المستحب عند بعض أهل العلم توكيل من ينوب عن المزكي في توزيع زكاته ـ بشرط أن يكون ثقة عدلاً عارفاً بصرفها في جهاتها المشروعة ـ لأن هذا أقرب إلى الإخلاص والسلامة من الرياء , وحب الثناء من الناس، قال الشيخ الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي : يعني أن الاستنابة في تفرقة الزكاة تستحب، ويكره أن يليها بنفسه خوف المحمدة والثناء، وعمل السر أفضل، وقد تجب الاستنابة على من تحقق وقوع الرياء منه، ومثله الجاهل بأحكامها ومصرفها. انتهى.

وبخصوص دفع الزكاة بواسطة ذبح بقرة, وتوزيع بعض لحمها في عيد الأضحى, فهو من باب دفع القيمة في الزكاة، وذلك مختلف فيه بين العلماء، والراجح المفتى به عندنا: أنه لا يجوز دفع القيمة إلّا إذا كان في دفعها مصلحة ومنفعة للفقراء، كما ذهب إليه المحققون من أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 6513.
انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني